بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ١ - الصفحة ٤٠٢
ثم إنه لا أظنك أن تتوهم وتقول: إن أدلة البراءة الشرعية مقتضية لعدم الاعتبار، وإن كان قضية الاشتغال عقلا هو الاعتبار، لوضوح أنه لابد في عمومها من شيء قابل للرفع والوضع شرعا، وليس ها هنا، فإن دخل قصد القربة ونحوها في الغرض ليس بشرعي، بل واقعي ودخل الجزء والشرط فيه وإن كان كذلك، إلا أنهما قابلان للوضع والرفع شرعا، فبدليل الرفع ولو كان أصلا يكشف أنه ليس هناك أمر فعلي بما يعتبر فيه المشكوك، يجب الخروج عن عهدته عقلا، بخلاف المقام، فإنه علم بثبوت الامر الفعلي كما عرفت (1)،
____________________
فوت على نفسه غرضه، بخلاف القربة حيث إنه مما يلتفت اليه أذهان العامة بدوا، فإذا لم ينصب المولى نفسه لمقام بيانه لا يكون مفوتا لغرضه، لامكان اعتماده على حكم العقل فيه الحاكم بالاشتغال، وانه لابد من اتيانه فلا يفوت في مقام ترتب غرضه شيء.
وبعبارة أخرى: في قصد القربة لا يجب على المولى بيانه لأنه لا يفوت منه، وفي مثل الوجه يجب على المولى بيانه، والالفات منه، ولا يعقل ان يكون المولى العالم والمحيط بجميع الأشياء مفوتا لغرضه.
وحيث انه لا اثر من ذكر قصد الوجه والتمييز في الروايات يقطع الشخص بعدم دخالتهما في ترتب الغرض، وإلا لكان لهما عين واثر في مجموع اخبار آل البيت عليهم السلام، ولا عبرة بالتفات بعض الناس وهم بعض العلماء المتبحرين الواسعي الاحتمالات، فان التكليف موجه للعامة، فلابد وأن يكون العامة مما يلتفتون إلى احتمال الدخالة فيحصل لهم الشك.
(1) لما فرغ من الكلام على البراءة العقلية شرع في الكلام على البراءة الشرعية.
وتوضيح التوهم فيها: انه سيأتي في الأقل والأكثر الارتباطيين انه يفكك بين البراءة العقلية والبراءة الشرعية، فان المصنف يقول: بعدم جريان البراءة العقلية،
(٤٠٢)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 395 396 397 400 402 405 406 409 411 412 ... » »»
الفهرست