بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ١ - الصفحة ٣٩٧
فاعلم: أنه لا مجال ها هنا إلا لأصالة الاشتغال، ولو قيل بأصالة البراءة فيما إذا دار الامر بين الأقل والأكثر الارتباطيين، وذلك لأن الشك ها هنا في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم، مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها، فلا يكون العقاب مع الشك وعدم إحراز الخروج عقابا بلا بيان، والمؤاخذة عليه بلا برهان، ضرورة أنه بالعلم بالتكليف تصح المؤاخذة على المخالفة، وعدم الخروج عن العهدة، لو اتفق عدم الخروج عنها بمجرد الموافقة بلا قصد القربة (1)، وهكذا الحال في كل ما
____________________
إلى ما تقتضيه الأصول وما يستقل به العقل من أنه هل هو مجرى البراءة عقلا أو الاشتغال؟
(1) توضيح مرامه ان البراءة على قسمين: براءة عقلية: وهي قبح العقاب بلا بيان، وبراءة شرعية: وهي رفع ما لا يعلمون، وكلامه فعلا في امكان جريان البراءة العقلية، ويأتي الكلام في امكان جريان البراءة الشرعية المستفادة من حديث الرفع.
ومختاره عدم امكان جريان البراءة العقلية هنا، وان قلنا بجريانها في الأقل والأكثر الارتباطيين، وان قاعدة الاشتغال عقلا هنا محكمة، وهي ان شغل الذمة اليقيني بالتكليف يستدعي الفراغ اليقيني عن عهدة التكليف.
وبيانه: انه لو قلنا بجريان البراءة العقلية في الأقل والأكثر الارتباطيين فإنما هو لأنا نقول: بانحلال التكليف هناك إلى تكليف معلوم بالتفصيل وهو المتعلق بالاجزاء أو الشرائط المعلومة، والى تكليف مشكوك وهو المحتمل تعلقه بالاجزاء المشكوك في جزئيتها للمأمور به، فيكون العقاب على الاجزاء المشكوكة عقابا بلا بيان، ولا حكم للعقل بوجوب الفراغ اليقيني عن التكليف المعلوم بالاجمال المردد بين الأقل والأكثر، بعد انحلال هذا التكليف المعلوم بالاجمال إلى معلوم تفصيلا ومشكوك بدوا فتجري البراءة، فلا شك في امتثال ما تعلق به الامر لغرض الاتيان به ولا موجب لامتثال الجزء المشكوك لعدم ثبوت الامر به، فالشك في الامتثال وعدمه في الأقل
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 395 396 397 400 402 405 406 409 ... » »»
الفهرست