ثم إنه لا بأس بصرف الكلام إلى بيان قاعدة الضرر والضرار على نحو الاقتصار، وتوضيح مدركها وشرح مفادها، وإيضاح نسبتها مع الأدلة المثبتة للاحكام الثابتة للموضوعات بعناوينها الأولية أو الثانوية، وإن كانت أجنبية عن مقاصد الرسالة، إجابة لالتماس بعض الأحبة، فأقول وبه أستعين:
إنه قد استدل عليها بأخبار كثيرة:
منها: موثقة زرارة (1)، عن أبي جعفر عليه السلام: (إن سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان، وكان سمرة يمر إلى نخلته ولا يستأذن، فكلمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء فأبى سمرة، فجاء الأنصاري إلى النبي صلى الله عليه وآله فشكى إليه، فأخبر بالخبر، فأرسل رسول الله وأخبره بقول الأنصاري وما شكاه، فقال: إذا أردت الدخول فاستأذن، فأبى، فلما أبى فساومه حتى بلغ من الثمن ما شاء الله، فأبى أن يبيعه، فقال: لك بها عذق في الجنة، فأبى أن يقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للأنصاري:
اذهب فاقلعها وارم بها إليه، فإنه لا ضرر ولا ضرار).
وفي رواية الحذاء (2) عن أبي جعفر عليه السلام مثل ذلك، ألا أنه فيها بعد الاباء (ما أراك يا سمرة إلا مضارا، إذهب يا فلان فاقلعها وارم بها وجهه) إلى غير ذلك من الروايات الواردة في قصة سمرة وغيرها (3). وهي كثيرة وقد ادعي (4) تواترها، مع اختلافها لفظا وموردا، فليكن المراد به تواترها إجمالا، بمعنى