العمل غير موجب (1) لان يكون الثواب إنما يكون مترتبا عليه، فيما إذا أتى برجاء أنه مأمور به وبعنوان الاحتياط، بداهة أن الداعي إلى العمل لا يوجب له وجها وعنوانا يؤتى به بذاك الوجه والعنوان.
وإتيان (2) العمل بداعي طلب قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما قيد به في بعض الاخبار (3)، وإن كان انقيادا، إلا أن الثواب في الصحيحة انما رتب على نفس العمل، ولا موجب لتقييدها به، لعدم المنافاة بينهما، بل لو أتى به كذلك أو إلتماسا للثواب الموعود، كما قيد به في بعضها الآخر (4)، لأوتي الاجر والثواب على نفس العمل، لا بما هو احتياط وانقياد، فيكشف عن كونه بنفسه مطلوبا وإطاعة، فيكون وزانه وزان (من سرح لحيته) (5) أو (من صلى أو صام فله كذا) ولعله لذلك أفتى المشهور بالاستحباب، فافهم وتأمل.
الثالث: إنه لا يخفى أن النهي عن شئ، إذا كان بمعنى طلب تركه في زمان أو مكان، بحيث لو وجد في ذاك الزمان أو المكان ولو دفعة لما امتثل أصلا، كان اللازم على المكلف إحراز أنه تركه بالمرة ولو بالأصل، فلا يجوز الاتيان بشئ يشك معه في تركه، إلا إذا كان مسبوقا به ليستصحب مع الاتيان به.
نعم، لو كان بمعنى طلب تركه كل فرد منه على حدة، لما وجب إلا ترك ما علم أنه فرد، وحيث لم يعلم تعلق النهي إلا بما علم أنه مصداقه، فأصالة البراءة في المصاديق المشتبهة محكمة.
فانقدح بذلك أن مجرد العلم بتحريم شئ لا يوجب لزوم الاجتناب عن أفراده المشتبهة، فيما كان المطلوب بالنهي طلب ترك كل فرد على حدة، أو كان