بقي شئ وهو أن ثمرة القول بالمقدمة الموصلة، هي تصحيح العبادة التي يتوقف على تركها فعل الواجب، بناء على كون ترك الضد مما يتوقف عليه فعل ضده، فإن تركها على هذا القول لا يكون مطلقا واجبا، ليكون فعلها محرما، فتكون فاسدة، بل فيما يترتب عليه الضد الواجب، ومع الاتيان بها لا يكاد يكون هناك ترتب، فلا يكون تركها مع ذلك واجبا، فلا يكون فعلها منهيا عنه، فلا تكون فاسدة.
وربما أورد (1) على تفريع هذه الثمرة بما حاصله بأن فعل الضد، وإن لم يكن نقيضا للترك الواجب مقدمة، بناء على المقدمة الموصلة، إلا أنه لازم لما هو من أفراد النقيض، حيث أن نقيض ذاك الترك الخاص رفعه، وهو أعم من الفعل والترك الآخر المجرد، وهذا يكفي في إثبات الحرمة، وإلا لم يكن الفعل المطلق محرما فيما إذا كان الترك المطلق واجبا، لان الفعل أيضا ليس نقيضا للترك، لأنه أمر وجودي، ونقيض الترك إنما هو رفعه، ورفع الترك إنما يلازم الفعل مصداقا، وليس عينه، فكما أن هذه الملازمة تكفي في إثبات الحرمة لمطلق الفعل، فكذلك تكفي في المقام، غاية الامر أن ما هو النقيض في مطلق الترك، إنما ينحصر مصداقه في الفعل فقط، وأما النقيض للترك الخاص فله فردان، وذلك لا يوجب فرقا فيما نحن بصدده، كما لا يخفى.
قلت: وأنت خبير بما بينهما من الفرق، فإن الفعل في الأول لا يكون إلا مقارنا لما هو النقيض، من رفع الترك المجامع معه تارة، ومع الترك المجرد أخرى، ولا تكاد تسري حرمة الشئ إلى ما يلازمه، فضلا عما يقارنه أحيانا.
نعم لابد أن لا يكون الملازم محكوما فعلا بحكم آخر على خلاف حكمه، لا أن يكون محكوما بحكمه، وهذا بخلاف الفعل في الثاني، فإنه