التي بالقياس عليها تتصف بالتمامية وعدمها، وهكذا الاختلاف بين الفقيه والمتكلم في صحة العبادة، إنما يكون لاجل الاختلاف فيما هو المهم لكل منهما من الأثر، بعد الاتفاق ظاهرا على أنها بمعنى التمامية، كما هي معناها لغة وعرفا.
فلما كان غرض الفقيه، هو وجوب القضاء، أو الإعادة، أو عدم الوجوب، فسر صحة العبادة بسقوطهما، وكان غرض المتكلم هو حصول الامتثال الموجب عقلا لاستحقاق المثوبة، فسرها بما يوافق الامر تارة، وبما يوافق الشريعة أخرى.
وحيث أن الامر في الشريعة يكون على أقسام: من الواقعي الأولى، والثانوي، والظاهري، والانظار تختلف في أن الأخيرين يفيدان الاجزاء أو لا يفيدان، كان الاتيان بعبادة موافقة لامر ومخالفة لاخر، أو مسقطا للقضاء والإعادة بنظر، وغير مسقط لهما بنظر آخر، فالعبادة الموافقة للامر الظاهري، تكون صحيحة عند المتكلم والفقيه، بناء على أن الامر في تفسير الصحة بموافقة الامر أعم من الظاهري، مع اقتضائه للاجزاء، وعدم اتصافها بها عند الفقيه بموافقته، بناء على عدم الاجزاء، وكونه مراعى بموافقة الامر الواقعي [و] (1) عند المتكلم، بناء على كون الامر في تفسيرها خصوص الواقعي.
تنبيه: وهو أنه لا شبهة في أن الصحة والفساد عند المتكلم، وصفان اعتباريان ينتزعان من مطابقة المأتي به مع المأمور به وعدمها، وأما الصحة بمعنى سقوط القضاء والإعادة عند الفقيه، فهي من لوازم الاتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي الأولي عقلا، حيث لا يكاد يعقل ثبوت الإعادة أو القضاء معه جزما، فالصحة بهذا المعنى فيه، وإن كان ليس بحكم وضعي مجعول بنفسه أو بتبع تكليف، إلا أنه ليس بأمر اعتباري ينتزع كما توهم (2)، بل مما يستقل به