القطع بصدور بعضها، والانصاف أنه ليس في دعوى التواتر كذلك جزاف، وهذا مع استناد المشهور إليها موجب لكمال الوثوق بها وانجبار ضعفها، مع أن بعضها موثقة، فلا مجال للاشكال فيها من جهة سندها، كما لا يخفى.
وأما دلالتها، فالظاهر أن الضرر هو ما يقابل النفع، من النقص في النفس أو الطرف أو العرض أو المال، تقابل العدم والملكة، كما أن الأظهر أن يكون الضرار معنى الضرر جئ به تأكيدا، كما يشهد به إطلاق المضار على سمرة، وحكي عن النهاية (1) لا فعل الاثنين، وإن كان هو الأصل في باب المفاعلة، ولا الجزاء على الضرر لعدم تعاهده من باب المفاعلة، وبالجملة لم يثبت له معنى آخر غير الضرر.
كما أن الظاهر أن يكون (لا) لنفي الحقيقة، كما هو الأصل في هذا التركيب حقيقة أو ادعاء، كناية عن نفي الآثار، كما هو الظاهر من مثل: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) (2) و (يا أشباه الرجال ولا رجال) (3) فإن قضية البلاغة في الكلام هو إرادة نفي الحقيقة ادعاء، لا نفي الحكم أو الصفة، كما لا يخفى.
ونفي الحقيقة ادعاء بلحاظ الحكم أو الصفة غير نفي أحدهما ابتداء مجازا في التقدير أو في الكلمة، مما لا يخفى على من له معرفة بالبلاغة.
وقد انقدح بذلك بعد إرادة نفي الحكم الضرري (4)، أو الضرر الغير المتدارك (5)، أو إرادة النهي من النفي جدا (6)، ضرورة بشاعة استعمال الضرر