كثير من النساء بل الرجال، بخلاف ما إذا كان عن تقصير في الاجتهاد، ولو لاجل حب طريقة الآباء والأجداد واتباع سيرة السلف، فإنه كالجبلي للخلف، وقلما عنه تخلف (1).
والمراد من المجاهدة في قوله تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) (2) هو المجاهدة مع النفس، بتخليتها عن الرذائل وتحليتها بالفضائل، وهي التي كانت أكبر من الجهاد، لا النظر والاجتهاد، وإلا لادى إلى الهداية، مع أنه يؤدي إلى الجهالة والضلالة، إلا إذا كانت هناك منه - تعالى - عناية، فإنه غالبا بصدد إثبات أن ما وجد آباءه عليه هو الحق، لا بصدد الحق، فيكون مقصرا مع اجتهاده، ومؤاخذا إذا أخطأ على قطعه واعتقاده.
ثم لا استقلال للعقل بوجوب تحصيل الظن مع اليأس عن تحصيل العلم، فيما يجب تحصيله عقلا لو أمكن، لو لم نقل باستقلاله بعدم وجوبه، بل بعدم جوازه، لما أشرنا إليه (3) من أن الأمور الاعتقادية مع عدم القطع بها أمكن الاعتقاد بما هو واقعها والانقياد لها، فلا إلجاء فيها أصلا إلى التنزل إلى الظن فيما انسد فيه باب العلم، بخلاف الفروع العملية، كما لا يخفى.
وكذلك لا دلالة من النقل على وجوبه، فيما يجب معرفته مع الامكان شرعا، بل الأدلة الدالة على النهي عن اتباع الظن، دليل على عدم جوازه أيضا.
وقد انقدح من مطاوي ما ذكرنا، أن القاصر يكون في الاعتقاديات للغفلة، أو عدم الاستعداد للاجتهاد فيها، لعدم وضوح الامر فيها بمثابة لا يكون الجهل بها إلا عن تقصير، كما لا يخفى، فيكون (4) معذورا عقلا.