والأوثقية ونحوهما، مما فيه من الدلالة على أن المناط في الترجيح بها هو كونها موجبة للأقربية إلى الواقع، ولما في التعليل بأن المشهور مما لا ريب فيه، من استظهار أن العلة هو عدم الريب فيه بالإضافة إلى الخبر الآخر ولو كان فيه ألف ريب، ولما في التعليل بأن الرشد في خلافهم.
ولا يخفى ما في الاستدلال بها:
أما الأول: فإن جعل خصوص شئ فيه جهة الإراءة والطريقية حجة أو مرجحا لا دلالة فيه على أن الملاك فيه بتمامه جهة إراءته، بل لا إشعار فيه كما لا يخفى، لاحتمال دخل خصوصيته في مرجحيته أو حجيته، لا سيما قد ذكر فيها ما لا يحتمل الترجيح به إلا تعبدا، فافهم.
وأما الثاني: فلتوقفه على عدم كون الرواية المشهورة في نفسها مما لا ريب فيها، مع أن الشهرة في الصدر الأول بين الرواة وأصحاب الأئمة - عليهم السلام - موجبة لكون الرواية مما يطمأن بصدورها، بحيث يصح أن يقال عرفا: إنها مما لا ريب فيها، كما لا يخفى. ولا بأس بالتعدي منه إلى مثله مما يوجب الوثوق والاطمئنان بالصدور، لا إلى كل مزية ولو لم يوجب إلا أقربية ذي المزية إلى الواقع، من المعارض الفاقد لها.
وأما الثالث: فلاحتمال أن يكون الرشد في نفس المخالفة، لحسنها، ولو سلم أنه لغلبة الحق في طرف الخبر المخالف، فلا شبهة في حصول الوثوق بأن الخبر الموافق المعارض بالمخالف لا يخلو من الخلل صدورا أو جهة، ولا بأس بالتعدي منه إلى مثله، كما مر آنفا.
ومنه انقدح حال ما إذا كان التعليل لاجل انفتاح باب التقية فيه، ضرورة كمال الوثوق بصدوره كذلك، مع الوثوق بصدورهما، لولا القطع به في الصدر الأول، لقلة الوسائط ومعرفتها، هذا مع ما في عدم بيان الامام - عليه السلام - للكلية كي لا يحتاج السائل إلى إعادة السؤال مرارا، وما في أمره - عليه السلام -