الشرعية، لا يكون إلا قبيحا، ولا يستحيل وقوعه إلا على الحكيم تعالى، وإلا فهو بمكان من الامكان، لكفاية إرادة المختار علة لفعله، وإنما الممتنع هو وجود الممكن بلا علة، فلا استحالة في ترجيحه تعالى للمرجوح، إلا من باب امتناع صدوره منه تعالى، وأما غيره فلا استحالة في ترجيحه لما هو المرجوح مما باختياره.
وبالجملة: الترجيح بلا مرجح بمعنى بلا علة محال، وبمعنى بلا داع عقلائي قبيح ليس بمحال، فلا تشتبه.
ومنها: غير ذلك (1) مما لا يكاد يفيد الظن، فالصفح عنه أولى وأحسن.
ثم إنه لا إشكال في الافتاء بما اختاره من الخبرين، في عمل نفسه وعمل مقلديه، ولا وجه للافتاء بالتخيير في المسألة الفرعية، لعدم الدليل عليه فيها.
نعم له الافتاء به في المسألة الأصولية، فلا بأس حينئذ باختيار المقلد غير ما اختاره المفتي، فيعمل بما يفهم منه بصريحه أو بظهوره الذي لا شبهة فيه.
وهل التخيير بدوي أم استمراري؟ قضية الاستصحاب لو لم نقل بأنه قضية الاطلاقات أيضا كونه استمراريا. وتوهم (2) أن المتحير كان محكوما بالتخيير، ولا تحير له بعد الاختيار، فلا يكون الاطلاق ولا الاستصحاب مقتضيا للاستمرار، لاختلاف الموضوع فيهما، فاسد، فإن التحير بمعنى تعارض الخبرين باق على حاله، وبمعنى آخر لم يقع في خطاب موضوعا للتخيير أصلا، كما لا يخفى.
فصل هل على القول بالترجيح، يقتصر فيه على المرجحات المخصوصة المنصوصة، أو يتعدى إلى غيرها؟ قيل (3) بالتعدي، لما في الترجيح بمثل الأصدقية