فيه خلاف، ولابد قبل الخوض في تحقيق المقام، من بيان ما يمكن أن يكون محلا للنقض والابرام بين الاعلام.
فاعلم أنه يمكن أن يكون النزاع في أن التكليف المتكفل له الخطاب هل يصح تعلقه بالمعدومين، كما صح تعلقه بالموجودين، أم لا؟ أو في صحة المخاطبة معهم، بل مع الغائبين عن مجلس الخطاب بالألفاظ الموضوعة للخطاب، أو بنفس توجيه الكلام إليهم، وعدم صحتها، أو في عموم الألفاظ الواقعة عقيب أداة الخطاب، للغائبين بل المعدومين، وعدم عمومها لهما، بقرينة تلك الأداة.
ولا يخفى أن النزاع على الوجهين الأولين يكون عقليا، وعلى الوجه الأخير لغويا.
إذا عرفت هذا، فلا ريب في عدم صحة تكليف المعدوم عقلا، بمعنى بعثه أو زجره فعلا، ضرورة أنه بهذا المعنى يستلزم الطلب منه حقيقة، ولا يكاد يكون الطلب كذلك إلا من الموجود ضرورة، نعم هو بمعنى إنشاء الطلب بلا بعث ولا زجر، لا استحالة فيه أصلا، فإن الانشاء خفيف المؤونة، فالحكيم تبارك وتعالى ينشئ على وفق الحكمة والمصلحة، طلب شئ قانونا من الموجود والمعدوم حين الخطاب، ليصير فعليا بعد ما وجد الشرائط وفقد الموانع بلا حاجة إلى إنشاء آخر، فتدبر.
ونظيره من غير الطلب إنشاء التمليك في الوقف على البطون، فإن المعدوم منهم يصير مالكا للعين الموقوفة، بعد وجوده بإنشائه، ويتلقى لها من الواقف بعقده، فيؤثر في حق الموجود منهم الملكية الفعلية، ولا يؤثر في حق المعدوم فعلا، إلا استعدادها لان تصير ملكا له بعد وجوده، هذا إذا أنشئ الطلب مطلقا.
وأما إذا أنشئ مقيدا بوجود المكلف ووجد انه الشرائط، فإمكانه بمكان