منه جزء إلا بعد ما انصرم منه جزء وانعدم، إلا أنه ما لم يتخلل في البين العدم، بل وإن تخلل بما لا يخل بالاتصال عرفا وإن انفصل حقيقة، كانت باقية مطلقا أو عرفا، ويكون رفع اليد عنها - مع الشك في استمرارها وانقطاعها - نقضا.
ولا يعتبر في الاستصحاب - بحسب تعريفه وأخبار الباب وغيرها من أدلته - غير صدق النقض والبقاء كذلك قطعا، هذا مع أن الانصرام والتدرج في الوجود في الحركة - في الأين وغيره - إنما هو في الحركة القطعية، وهي كون الشئ في كل آن في حد أو مكان، لا التوسطية وهي كونه بين المبدأ والمنتهى، فإنه بهذا المعنى يكون قارا مستمرا.
فانقدح بذلك أنه لا مجال للاشكال في استصحاب مثل الليل أو النهار وترتيب مالهما من الآثار، وكذا كلما إذا كان الشك في الامر التدريجي من جهة الشك في انتهاء حركته ووصوله إلى المنتهى، أو أنه بعد في البين، وأما إذا كان من جهة الشك في كميته ومقداره، كما في نبع الماء وجريانه، وخروج الدم وسيلانه، فيما كان سبب الشك في الجريان والسيلان الشك في أنه بقي في المنبع والرحم فعلا شئ من الماء والدم غير ما سال وجرى منهما، فربما يشكل في استصحابهما حينئذ، فإن الشك ليس في بقاء جريان شخص ما كان جاريا، بل في حدوث جريان جزء آخر شك في جريانه من جهة الشك في حدوثه، ولكنه يتخيل بأنه لا يختل به ما هو الملاك في الاستصحاب، بحسب تعريفه ودليله حسبما عرفت.
ثم إنه لا يخفى أن استصحاب بقاء الامر التدريجي، إما يكون من قبيل استصحاب الشخص، أو من قبيل استصحاب الكلي بأقسامه، فإذا شك في أن السورة المعلومة التي شرع فيها تمت أو بقي شئ منها، صح فيه استصحاب الشخص والكلي، وإذا شك فيه من جهة ترددها بين القصيرة والطويلة، كان