أو القبح، والوجوب أو الحرمة واقعا، بلا حدوث تفاوت فيه بسبب تعلق القطع بغير ما هو عليه من الحكم والصفة، ولا يغير جهة حسنه أو قبحه بجهته (1) أصلا، ضرورة أن القطع بالحسن أو القبح لا يكون من الوجوه والاعتبارات التي بها يكون الحسن والقبح عقلا ولا ملاكا للمحبوبية والمبغوضية شرعا، ضرورة عدم تغير الفعل عما هو عليه من المبغوضية والمحبوبية للمولى، بسبب قطع العبد بكونه محبوبا أو مبغوضا له. فقتل ابن المولى لا يكاد يخرج عن كونه مبغوضا له، ولو اعتقد العبد بأنه عدوه، وكذا قتل عدوه، مع القطع بأنه ابنه، لا يخرج عن كونه محبوبا أبدا.
هذا مع أن الفعل المتجرئ به أو المنقاد به، بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب لا يكون اختياريا، فإن القاطع لا يقصده إلا بما قطع أنه عليه من عنوانه الواقعي الاستقلالي لا بعنوانه الطارئ الآلي، بل لا يكون غالبا بهذا العنوان مما يلتفت إليه، فكيف يكون من جهات الحسن أو القبح عقلا؟ ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعا؟ ولا يكاد يكون صفة موجبة لذلك إلا إذا كانت اختيارية.
إن قلت: إذا لم يكن الفعل كذلك، فلا وجه لاستحقاق العقوبة على مخالفة القطع، وهل كان العقاب عليها إلا عقابا على ما ليس بالاختيار؟
قلت: العقاب إنما يكون على قصد العصيان والعزم على الطغيان، لا على الفعل الصادر بهذا العنوان بلا اختيار.
إن قلت: إن القصد والعزم إنما يكون من مبادئ الاختيار، وهي ليست باختيارية، وإلا لتسلسل.
قلت: - مضافا إلى أن الاختيار وإن لم يكن بالاختيار، إلا أن بعض مباديه غالبا يكون وجوده بالاختيار، للتمكن من عدمه بالتأمل فيما يترتب على ما عزم عليه