الظهور في الخبر المخالف للكتاب يكون موهونا بحيث لا يعمه أدلة اعتبار السند ولا الظهور، كما لا يخفى، فتكون هذه الأخبار في مقام تميز الحجة عن اللا حجة لا ترجيح الحجة على الحجة، فافهم.
وإن أبيت عن ذلك، فلا محيص عن حملها توفيقا بينها وبين الاطلاقات، إما على ذلك أو على الاستحباب كما أشرنا إليه آنفا، هذا ثم إنه لولا التوفيق بذلك للزم التقييد أيضا في أخبار المرجحات، وهي آبية عنه، كيف يمكن تقييد مثل: (ما خالف قول ربنا لم أقله، أو زخرف، أو باطل)؟ كما لا يخفى.
فتلخص - مما ذكرنا - أن اطلاقات التخيير محكمة، وليس في الاخبار ما يصلح لتقييدها.
نعم قد استدل على تقييدها، ووجوب الترجيح في المتفاضلين بوجوه أخر:
منها: دعوى (1) الاجماع على الاخذ بأقوى الدليلين.
وفيه أن دعوى الاجماع - مع مصير مثل الكليني إلى التخيير، وهو في عهد الغيبة الصغرى ويخالط النواب والسفراء، قال في ديباجة الكافي: ولا نجد شيئا أوسع ولا أحوط من التخيير - مجازفة.
ومنها (2): أنه لو لم يجب ترجيح ذي المزية، لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح عقلا، بل ممتنع قطعا. وفيه أنه إنما يجب الترجيح لو كانت المزية موجبة لتأكد ملاك الحجية في نظر الشارع، ضرورة إمكان أن تكون تلك المزية بالإضافة إلى ملاكها من قبيل الحجر في جنب الانسان، وكان الترجيح بها بلا مرجح، وهو قبيح كما هو واضح، هذا مضافا إلى ما هو في الاضراب من الحكم بالقبح إلى الامتناع، من أن الترجيح بلا مرجح في الأفعال الاختيارية ومنها الاحكام