فصل في التقليد وهو أخذ قول الغير ورأيه للعمل به في الفرعيات، أو للالتزام به في الاعتقاديات تعبدا، بلا مطالبة دليل على رأيه، ولا يخفى أنه لا وجه لتفسيره بنفس العمل، ضرورة سبقه عليه، وإلا كان بلا تقليد، فافهم.
ثم إنه لا يذهب عليك أن جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم في الجملة، يكون بديهيا جبليا فطريا لا يحتاج إلى دليل، وإلا لزم سد باب العلم به على العامي مطلقا غالبا، لعجزه عن معرفة ما دل عليه كتابا وسنة، ولا يجوز التقليد فيه أيضا، وإلا لدار أو تسلسل، بل هذه هي العمدة في أدلته، وأغلب ما عداه قابل للمناقشة، لبعد تحصيل الاجماع في مثل هذه المسألة، مما يمكن أن يكون القول فيه لاجل كونه من الأمور الفطرية الارتكازية، والمنقول منه غير حجة في مثلها، ولو قيل بحجيتها في غيرها، لوهنه بذلك.
ومنه قد انقدح إمكان القدح في دعوى كونه من ضروريات الدين، لاحتمال أن يكون من ضروريات العقل وفطرياته لا من ضرورياته، وكذا القدح في دعوى (1) سيرة المتدينين.