القطع أولا، وعلى الثاني إما أن يقوم عنده طريق معتبر أو لا، لئلا تتداخل الأقسام فيما يذكر لها من الاحكام، ومرجعه على الأخير إلى القواعد المقررة عقلا أو نقلا لغير القاطع، ومن يقوم عنده الطريق، على تفصيل يأتي في محله - إن شاء الله تعالى - حسبما يقتضي دليلها.
وكيف كان فبيان أحكام القطع وأقسامه، يستدعي رسم أمور:
الامر الأول: لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع عقلا، ولزوم الحركة على طبقه جزما، وكونه موجبا لتنجز التكليف الفعلي فيما أصاب باستحقاق الذم والعقاب على مخالفته، وعذرا فيما أخطأ قصورا، وتأثيره في ذلك لازم، وصريح الوجدان به شاهد وحاكم، فلا حاجة إلى مزيد بيان وإقامة برهان.
ولا يخفى أن ذلك لا يكون بجعل جاعل، لعدم جعل تأليفي حقيقة بين الشئ ولوازمه، بل عرضا بتبع جعله بسيطا.
وبذلك انقدح امتناع المنع عن تأثيره أيضا، مع أنه يلزم منه اجتماع الضدين اعتقادا مطلقا، وحقيقة في صورة الإصابة، كما لا يخفى.
ثم لا يذهب عليك أن التكليف ما لم يبلغ مرتبة البعث والزجر لم يصر فعليا، وما لم يصر فعليا لم يكد يبلغ مرتبة التنجز، واستحقاق العقوبة على المخالفة، وإن كان ربما يوجب موافقته استحقاق المثوبة، وذلك لان الحكم ما لم يبلغ تلك المرتبة لم يكن حقيقة بأمر ولا نهي، ولا مخالفته عن عمد بعصيان، بل كان مما سكت الله عنه، كما في الخبر (1)، فلاحظ وتدبر.
نعم، في كونه بهذه المرتبة موردا للوظائف المقررة شرعا للجاهل إشكال لزوم اجتماع الضدين أو المثلين، على ما يأتي (2) تفصيله إن شاء الله تعالى، مع ما هو