تزاحم المؤثرين والمقتضيين، فيقدم الغالب منهما، وإن كان الدليل على مقتضى الآخر أقوى من دليل مقتضاه، هذا فيما إذا أحرز الغالب منهما، وإلا كان بين الخطابين تعارض، فيقدم الأقوى منهما دلالة أو سندا، وبطريق الآن يحرز به أن مدلوله أقوى مقتضيا، هذا لو كان كل من الخطابين متكفلا لحكم فعلي، وإلا فلا بد من الاخذ بالمتكفل لذلك منهما لو كان، وإلا فلا محيص عن الانتهاء إلى ما تقتضيه الأصول العملية.
ثم لا يخفى (1) أن ترجيح أحد الدليلين وتخصيص الآخر به في المسألة لا يوجب خروج مورد الاجتماع عن تحت الآخر رأسا، كما هو قضية التقييد والتخصيص في غيرها مما لا يحرز فيه المقتضي لكلا الحكمين، بل قضيته ليس إلا خروجه فيما كان الحكم الذي هو مفاد الآخر فعليا، وذلك لثبوت المقتضي في كل واحد من الحكمين فيها، فإذا لم يكن المقتضي لحرمة الغصب مؤثرا لها، لاضطرار أو جهل أو نسيان، كان المقتضي لصحة الصلاة مؤثرا لها فعلا، كما إذا لم يكن دليل الحرمة أقوى، أو لم يكن واحد من الدليلين دالا على الفعلية أصلا.
فانقدح بذلك فساد الاشكال في صحة الصلاة في صورة الجهل أو النسيان ونحوهما، فيما إذا قدم خطاب (لا تغصب) كما هو الحال فيما إذا كان الخطابان من أول الامر متعارضين، ولم يكونا من باب الاجتماع أصلا، وذلك لثبوت المقتضي في هذا الباب كما إذا لم يقع بينهما تعارض، ولم يكونا متكلفين للحكم الفعلي، فيكون وزان التخصيص في مورد الاجتماع وزان التخصيص العقلي الناشئ من جهة تقديم أحد المقتضيين وتأثيره فعلا المختص بما إذا لم يمنع عن