ثم إن الظاهر أن دلالة الاستثناء على الحكم في طرف المستثنى بالمفهوم، وأنه لازم خصوصية الحكم في جانب المستثنى منه التي دلت عليها الجملة الاستثنائية، نعم لو كانت الدلالة في طرفه بنفس الاستثناء لا بتلك الجملة، كانت بالمنطوق، كما هو ليس ببعيد، وإن كان تعيين ذلك لا يكاد يفيد.
ومما يدل على الحصر والاختصاص (إنما) وذلك لتصريح أهل اللغة بذلك، وتبادره منها قطعا عند أهل العرف والمحاورة.
ودعوى - أن الانصاف (1) أنه لا سبيل لنا إلى ذلك، فإن موارد استعمال هذه اللفظة مختلفة، ولا يعلم بما هو مرادف لها في عرفنا، حتى يستكشف منها (2) ما هو المتبادر منها - غير مسموعة، فإن السبيل إلى التبادر لا ينحصر بالانسباق إلى أذهاننا، فإن الانسباق إلى أذهان أهل العرف أيضا سبيل.
وربما يعد مما دل على الحصر، كلمة (بل) الاضرابية، والتحقيق أن الاضراب على أنحاء:
منها: ما كان لاجل أن المضرب عنه، إنما أتى به غفلة أو سبقه به لسانه، فيضرب بها عنه إلى ما قصد بيانه، فلا دلالة له على الحصر أصلا، فكأنه أتى بالمضرب إليه ابتداء، كما لا يخفى.
ومنها: ما كان لاجل التأكيد، فيكون ذكر المضرب عنه كالتوطئة والتمهيد لذكر المضرب إليه، فلا دلالة له عليه أيضا.
ومنها: ما كان في مقام الردع، وإبطال ما أثبت أولا، فيدل عليه (3) وهو