استحقاق العقوبة، وبالجملة كيف يحكم بالصحة بدون الامر؟ وكيف يحكم باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة؟ لولا الحكم شرعا بسقوطها وصحة ما أتى بها.
قلت: إنما حكم بالصحة لاجل اشتمالها على مصلحة تامة لازمة الاستيفاء في نفسها مهمة في حد ذاتها، وإن كانت دون مصلحة الجهر والقصر، وإنما لم يؤمر بها لاجل أنه أمر بما كانت واجدة لتلك المصلحة على النحو الأكمل والأتم.
وأما الحكم باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة فإنها بلا فائدة، إذ مع استيفاء تلك المصلحة لا يبقى مجال لاستيفاء المصلحة التي كانت في المأمور بها، ولذا لو أتى بها في موضع الآخر جهلا - مع تمكنه من التعلم - فقد قصر، ولو علم بعده وقد وسع الوقت.
فربما يقال بأنه قضية استصحاب الاحكام التي قلده فيها، فإن رأيه وإن كان فانقدح أنه لا يتمكن من صلاة القصر صحيحة بعد فعل صلاة الاتمام، ولا من الجهر كذلك بعد فعل صلاة الاخفات، وإن كان الوقت باقيا.
إن قلت: على هذا يكون كل منهما في موضع الآخر سببا لتفويت الواجب فعلا، وما هو سبب لتفويت الواجب كذلك حرام، وحرمة العبادة موجبة لفسادها بلا كلام.
قلت: ليس سببا لذلك، غايته أنه يكون مضادا له، وقد حققنا في محله (1) أن الضد وعدم ضده متلازمان ليس بينهما توقف أصلا.
لا يقال: على هذا فلو صلى تماما أو صلى إخفاتا - في موضع القصر والجهر مع العلم بوجوبهما في موضعهما - لكانت صلاته صحيحة، وإن عوقب على مخالفة الامر بالقصر أو الجهر.
فإنه يقال: لا بأس بالقول به لو دل دليل على أنها تكون مشتملة على المصلحة