ولو لم نقل بحكومة دليله على دليله، لعدم ثبوت نظره إلى مدلوله، كما قيل (1).
ثم انقدح بذلك حال توارد دليلي العارضين، كدليل نفي العسر ودليل نفي الضرر مثلا، فيعامل معهما معاملة المتعارضين لو لم يكن من باب تزاحم المقتضيين، وإلا فيقدم ما كان مقتضيه أقوى وإن كان دليل الآخر أرجح وأولى، ولا يبعد أن الغالب في توارد العارضين أن يكون من ذاك الباب، بثبوت المقتضي فيهما مع تواردهما، لا من باب التعارض، لعدم ثبوته إلا في أحدهما، كما لا يخفى، هذا حال تعارض الضرر مع عنوان أولي أو ثانوي آخر.
وأما لو تعارض مع ضرر آخر، فمجمل القول فيه أن الدوران إن كان بين ضرري شخص واحد أو اثنين، فلا مسرح إلا لاختيار أقلهما لو كان، وإلا فهو مختار.
وأما لو كان بين ضرر نفسه وضرر غيره، فالأظهر عدم لزوم تحمله الضرر، ولو كان ضرر الآخر أكثر، فإن نفيه يكون للمنة على الأمة، ولا منة على تحمل الضرر، لدفعه عن الآخر وإن كان أكثر.
نعم لو كان الضرر متوجها إليه، ليس له دفعه عن نفسه بإيراده على الآخر، اللهم إلا أن يقال: إن نفي الضرر وإن كان للمنة، إلا أنه بلحاظ نوع الأمة، واختيار الأقل بلحاظ النوع منة، فتأمل.