اختلاف المضاف بها بحسب المصلحة والمفسدة والحسن والقبح عقلا، وبحسب الوجوب والحرمة شرعا، فيكون مثل (أكرم العلماء ولا تكرم الفساق) من باب الاجتماع (كصل ولا تغصب) لا من باب التعارض، إلا إذا لم يكن للحكم في أحد الخطابين في مورد الاجتماع مقتض، كما هو الحال أيضا في تعدد العنوانين، فما يتراءى منهم من المعاملة مع مثل (أكرم العلماء ولا تكرم الفساق) معاملة تعارض العموم من وجه، إنما يكون بناء على الامتناع، أو عدم المقتضي لاحد الحكمين في مورد الاجتماع.
فصل في أن النهي عن الشئ، هل يقتضي فساده أم لا؟
وليقدم أمور:
الأول: إنه قد عرفت في المسألة السابقة الفرق بينها وبين هذه المسألة، وإنه لا دخل للجهة المبحوث عنها في إحداهما، بما هو جهة البحث في الأخرى، وإن البحث في هذه المسألة في دلالة النهي بوجه يأتي تفصيله على الفساد بخلاف تلك المسألة، فإن البحث فيها في أن تعدد الجهة يجدي في رفع غائلة اجتماع الأمر والنهي في مورد الاجتماع أم لا؟
الثاني: إنه لا يخفى أن عد هذه المسألة من مباحث الألفاظ، إنما هو لاجل أنه في الأقوال قول بدلالته على الفاسد في المعاملات، مع إنكار الملازمة بينه وبين الحرمة التي هي مفاده فيها، ولا ينافي ذلك أن الملازمة على تقدير ثبوتها في العبادة إنما تكون بينه وبين الحرمة ولو لم تكن مدلولة بالصيغة، وعلى تقدير عدمها تكون منتفية بينهما، لامكان أن يكون البحث معه في دلالة الصيغة، بما تعم دلالتها بالالتزام، فلا تقاس بتلك المسألة التي لا يكاد يكون لدلالة اللفظ بها مساس، فتأمل جيدا.