قلت: مضافا إلى أن مجرد الاستبعاد غير ضائر بالمراد، بعد مساعدة الوجوه المتقدمة عليه، إن ذلك إنما يلزم لو لم يكن استعماله فيما انقضى بلحاظ حال التلبس، مع أنه بمكان من الامكان، فيراد من جاء الضارب أو الشارب - وقد انقضى عنه الضرب والشرب - جاء الذي كان ضاربا وشاربا قبل مجيئه حال التلبس بالمبدأ، لا حينه بعد الانقضاء، كي يكون الاستعمال بلحاظ هذا الحال، وجعله معنونا بهذا العنوان فعلا بمجرد تلبسه قبل مجيئه، ضرورة أنه لو كان للأعم لصح استعماله بلحاظ كلا الحالين.
وبالجملة: كثرة الاستعمال في حال الانقضاء يمنع عن دعوى انسباق خصوص حال التلبس من الاطلاق، إذ مع عموم المعنى وقابلية كونه حقيقة في المورد - ولو بالانطباق - لا وجه لملاحظة حالة أخرى، كما لا يخفى، بخلاف ما إذا لم يكن له العموم، فإن استعماله - حينئذ - مجازا بلحاظ حال الانقضاء وإن كان ممكنا، إلا أنه لما كان بلحاظ حال التلبس على نحو الحقيقة بمكان من الامكان، فلا وجه لاستعماله وجريه على الذات مجازا وبالعناية وملاحظة العلاقة، وهذا غير استعمال اللفظ فيما لا يصح استعماله فيه حقيقة، كما لا يخفى، فافهم.
ثم إنه ربما أورد (1) على الاستدلال بصحة السلب، بما حاصله: إنه إن أريد بصحة السلب صحته مطلقا، فغير سديد، وإن أريد مقيدا، فغير مفيد، لان علامة المجاز هي صحة السلب المطلق.
وفيه: إنه إن أريد بالتقييد، تقييد المسلوب الذي يكون سلبه أعم من سلب المطلق - كما هو واضح - فصحة سلبه وإن لم تكن علامة على كون المطلق مجازا فيه، إلا أن تقييده ممنوع، وإن أريد تقييد السلب، فغير ضائر بكونها علامة، ضرورة صدق المطلق على أفراده على كل حال، مع إمكان