بالمعنى الأعم، ولا بالمعنى الأخص، كما لا دلالة لهما على ثبوت غيره من الاحكام، ضرورة أن ثبوت كل واحد من الاحكام الأربعة الباقية بعد ارتفاع الوجوب واقعا ممكن، ولا دلالة لواحد من دليلي الناسخ والمنسوخ - بإحدى الدلالات - على تعيين واحد منها، كما هو أوضح من أن يخفى، فلا بد للتعيين من دليل آخر، ولا مجال لاستصحاب الجواز، إلا بناء على جريانه في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي، وهو ما إذا شك في حدوث فرد كلي مقارنا لارتفاع فرده الآخر، وقد حققنا في محله (1)، أنه لا يجري الاستصحاب فيه، ما لم يكن الحادث المشكوك من المراتب القوية أو الضعيفة المتصلة بالمرتفع، بحيث عد عرفا - لو كان - أنه باق، لا أنه أمر حادث غيره.
ومن المعلوم أن كل واحد من الاحكام مع الآخر عقلا وعرفا، من المباينات والمتضادات، غير الوجوب والاستحباب، فإنه وإن كان بينهما التفاوت بالمرتبة والشدة والضعف عقلا إلا أنهما متباينان عرفا، فلا مجال للاستصحاب إذا شك في تبدل أحدهما بالآخر، فإن حكم العرف ونظره يكون متبعا في هذا الباب.
فصل إذا تعلق الامر بأحد (2) الشيئين أو الأشياء، ففي وجوب كل واحد على التخيير، بمعنى عدم جواز تركه إلا إلى بدل، أو وجوب الواحد بعينه، أو وجوب كل منهما مع السقوط بفعل أحدهما، أو وجوب المعين عند الله، أقوال.
والتحقيق أن يقال: إنه إن كان الامر بأحد الشيئين، بملاك أنه هناك غرض واحد يقوم به كل واحد منهما، بحيث إذا أتى بأحدهما حصل به تمام