ثبوته، ولم يطلع على كونه معلقا على [أمر] (١) غير واقع، أو عدم الموانع، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ (2) الآية، نعم من شملته العناية الإلهية، واتصلت نفسه الزكية بعالم اللوح المحفوظ الذي [هو] من أعظم العوالم الربوبية، وهو أم الكتاب، يكشف عنده الواقعيات على ما هي عليها، كما ربما يتفق لخاتم الأنبياء، ولبعض الأوصياء، كان عارفا بالكائنات (3) كما كانت وتكون.
نعم مع ذلك، ربما يوحى إليه حكم من الاحكام، تارة بما يكون ظاهرا في الاستمرار والدوام، معه أنه في الواقع له غاية وأمد يعينها (4) بخطاب آخر، وأخرى بما يكون ظاهرا في الجد، مع أنه لا يكون واقعا بجد، بل لمجرد الابتلاء والاختبار، كما أنه يؤمر وحيا أو الهاما بالاخبار بوقوع عذاب أو غيره مما لا يقع، لاجل حكمة في هذا الاخبار أو ذاك الاظهار، فبدا له تعالى بمعنى أنه يظهر ما أمر نبيه أو وليه بعدم إظهاره أولا، ويبدي ما خفي ثانيا.
وإنما نسب إليه تعالى البداء، مع إنه في الحقيقة الابداء، لكمال شباهة إبدائه تعالى كذلك بالبداء في غيره، وفيما ذكرنا كفاية فيما هو المهم في باب النسخ، ولا داعي بذكر تمام ما ذكروه في ذاك الباب كما لا يخفى على أولي الألباب.
ثم لا يخفى ثبوت الثمرة بين التخصيص والنسخ، ضرورة أنه على التخصيص يبنى على خروج الخاص عن حكم العام رأسا، وعلى النسخ، على ارتفاع حكمه عنه من حينه، فيما دار الامر بينهما في المخصص، وأما إذا دار بينهما في الخاص والعام، فالخاص على التخصيص غير محكوم بحكم العام أصلا، وعلى النسخ كان محكوما به من حين صدور دليله، كما لا يخفى.