الماهية، ضرورة أن المصدر ليست مادة لسائر المشتقات، بل هو صيغة مثلها، كيف؟ وقد عرفت في باب المشتق مباينة المصدر وسائر المشتقات بحسب المعنى، فكيف بمعناه يكون مادة لها؟ فعليه يمكن دعوى اعتبار المرة أو التكرار في مادتها، كما لا يخفى.
إن قلت: فما معنى ما اشتهر من كون المصدر أصلا في الكلام.
قلت: مع أنه محل الخلاف، معناه أن الذي وضع أولا بالوضع الشخصي، ثم بملاحظته وضع نوعيا أو شخصيا سائر الصيغ التي تناسبه، مما جمعه معه مادة لفظ متصورة في كل منها ومنه، بصورة ومعنى كذلك، هو المصدر أو الفعل، فافهم.
ثم المراد بالمرة والتكرار، هل هو الدفعة والدفعات؟ أو الفرد والافراد؟
والتحقيق: أن يقعا بكلا المعنيين محل النزاع، وإن كان لفظهما ظاهرا في المعنى الأول، وتوهم (1) أنه لو أريد بالمرة الفرد، لكان الأنسب، بل اللازم أن يجعل هذا المبحث تتمة للبحث الآتي، من أن الامر هل يتعلق بالطبيعة أو بالفرد؟ فيقال عند ذلك وعلى تقدير تعلقه بالفرد، هل يقتضي التعلق بالفرد الواحد أو المتعدد؟ أو لا يقتضي شيئا منهما؟ ولم يحتج إلى إفراد كل منهما بالبحث كما فعلوه، وأما لو أريد بها الدفعة، فلا علقة بين المسألتين، كما لا يخفى، فاسد، لعدم العلقة بينهما لو أريد بها الفرد أيضا، فإن الطلب على القول بالطبيعة إنما يتعلق بها باعتبار وجودها في الخارج، ضرورة أن الطبيعة من حيث هي ليست إلا هي، لا مطلوبة ولا غير مطلوبة، وبهذا الاعتبار كانت مرددة بين المرة والتكرار بكلا المعنيين، فيصح النزاع في دلالة الصيغة على المرة والتكرار بالمعنيين وعدمها.