القول بالفصل.
والوجه الثاني والثالث بعدم انحصار فائدة الانذار ب [إيجاب] (١) التحذر تعبدا، لعدم إطلاق يقتضي وجوبه على الاطلاق، ضرورة أن الآية مسوقة لبيان وجوب النفر، لا لبيان غايتية التحذر، ولعل وجوبه كان مشروطا بما إذا أفاد العلم لو لم نقل بكونه مشروطا به، فإن النفر إنما يكون لاجل التفقه وتعلم معالم الدين، ومعرفة ما جاء به سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)، كي ينذروا بها المتخلفين أو النافرين، على الوجهين في تفسير الآية، لكي يحذروا إذا أنذروا بها، وقضيته إنما هو وجوب الحذر عند إحراز أن الانذار بها، كما لا يخفى.
ثم إنه أشكل أيضا، بأن الآية لو سلم دلالتها على وجوب الحذر مطلقا فلا دلالة لها على حجية الخبر بما هو خبر، حيث إنه ليس شأن الراوي إلا الاخبار بما تحمله، لا التخويف والانذار، وإنما هو شأن المرشد أو المجتهد بالنسبة إلى المسترشد أو المقلد.
قلت: لا يذهب عليك أنه ليس حال الرواة في الصدر الأول في نقل ما تحملوا من النبي (صلى الله عليه وعلى أهل بيته الكرام) أو الإمام (عليه السلام) من الاحكام إلى الأنام، إلا كحال نقلة الفتاوى إلى العوام.
ولا شبهة في أنه يصح منهم التخويف في مقام الابلاغ والانذار والتحذير بالبلاغ، فكذا من الرواة، فالآية لو فرض دلالتها على حجية نقل الراوي إذا كان مع التخويف، كان نقله حجة بدونه أيضا، لعدم الفصل بينهما جزما، فافهم.
ومنها: آية الكتمان، ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا﴾ (2) الآية.
وتقريب الاستدلال بها: إن حرمة الكتمان تستلزم وجوب (3) القبول عقلا،