عليه.
ومنها: قوله عليه السلام: (كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر) (1) وقوله عليه السلام: (الماء كله طاهر حتى تعلم أنه نجس) (2) وقوله عليه السلام: (كل شئ حلال حتى تعرف أنه حرام) (3) وتقريب دلالة مثل هذه الأخبار على الاستصحاب أن يقال: إن الغاية فيها إنما هو لبيان استمرار ما حكم على الموضوع واقعا من الطهارة والحلية ظاهرا، ما لم يعلم بطروء ضده أو نقيضه، لا لتحديد الموضوع، كي يكون الحكم بهما قاعدة مضروبة لما شك في طهارته أو حليته، وذلك لظهور المغيى فيها في بيان الحكم للأشياء بعناوينها، لا بما هي مشكوكة الحكم، كما لا يخفى.
فهو وإن لم يكن له بنفسه مساس بذيل القاعدة ولا الاستصحاب إلا أنه بغايته دل على الاستصحاب، حيث أنها ظاهرة في استمرار ذاك الحكم الواقعي ظاهرا ما لم يعلم (4) بطروء ضده أو نقيضه، كما أنه لو صار مغيى لغاية، مثل الملاقاة بالنجاسة أو ما يوجب الحرمة، لدل على استمرار ذاك الحكم واقعا، ولم يكن له حينئذ بنفسه ولا بغايته دلالة على الاستصحاب، ولا يخفى أنه لا يلزم على ذلك استعمال اللفظ في معنيين أصلا، وإنما يلزم لو جعلت الغاية مع كونها من حدود الموضوع وقيوده غاية لاستمرار حكمه، ليدل على القاعدة والاستصحاب من غير تعرض لبيان الحكم الواقعي للأشياء أصلا، مع وضوح ظهور مثل (كل شئ حلال، أو طاهر) في أنه لبيان حكم الأشياء بعناوينها الأولية، وهكذا (الماء كله طاهر)، وظهور الغاية في كونها حدا للحكم لا لموضوعه، كما لا يخفى، فتأمل جيدا.