كفاية الأصول - الآخوند الخراساني - الصفحة ١٦٨
بحرام بلا كلام، إلا أنه إذا لم يكن الاضطرار إليه بسوء الاختيار، بأن يختار ما يؤدي إليه لا محالة، فإن الخطاب بالزجر عنه حينئذ، وإن كان ساقطا، إلا أنه حيث يصدر عنه مبغوضا عليه وعصيانا لذاك الخطاب ومستحقا عليه العقاب، لا يصلح لان يتعلق بها الايجاب، وهذا في الجملة مما لا شبهة فيه ولا ارتياب.
وإنما الاشكال فيما إذا كان ما اضطر إليه بسوء اختياره، مما ينحصر به التخلص عن محذور الحرام، كالخروج عن الدار المغصوبة فيما إذا توسطها بالاختيار في كونه منهيا عنه، أو مأمورا به، مع جريان حكم المعصية عليه، أو بدونه، فيه أقوال، هذا على الامتناع.
وأما على القول بالجواز، فعن أبي هاشم (1) أنه مأمور به ومنهي عنه، واختاره الفاضل القمي (2)، ناسبا له إلى أكثر المتأخرين وظاهر الفقهاء.
والحق أنه منهي عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار إليه، وعصيان له بسوء الاختيار، ولا يكاد يكون مأمورا به، كما إذا لم يكن هناك توقف (3) عليه، أو بلا انحصار به، وذلك ضرورة أنه حيث كان قادرا على ترك

(١) راجع شرح مختصر الأصول / ٩٤.
هو أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي، ولد عام ٢٤٧ ه‍ من أبناء ابان مولى عثمان، عالم بالكلام، من كبار المعتزلة، له آراء انفرد بها وتبعته فرقة سميت " البهشمية " نسبة إلى كنيته أبي هاشم وله مصنفات منها: " الشامل " في الفقه و " تذكرة العالم " و " العدة " في الأصول مات سنة ٣٢١ ه‍. " الأعلام للزركلي ٤ / ٧ ".
(٢) قوانين الأصول 1 / 153، في التنبيه الثاني، من قانون دلالة النهي على الفساد.
(3) لا يخفى إنه لا توقف ها هنا حقيقة، بداهة أن الخروج إنما هو مقدمة للكون في خارج الدار، لا مقدمة لترك الكون فيها الواجب، لكونه ترك الحرام، نعم بينهما ملازمة لاجل التضاد بين الكونين، ووضوح الملازمة بين وجود الشئ وعدم ضده، فيجب الكون في خارج الدار عرضا، لوجوب ملازمه حقيقة، فيجب مقدمته كذلك، وهذا هو الوجه في المماشاة والجري على أن مثل الخروج يكون مقدمة لما هو الواجب من ترك الحرام، فافهم.
(منه قدس سره).
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست