فصل قد اشتهر الاشكال بالقطع بخروج القياس عن عموم نتيجة دليل الانسداد بتقرير الحكومة، وتقريره على ما في الرسائل (1) أنه:
(كيف يجامع حكم العقل بكون الظن كالعلم مناطا للإطاعة والمعصية، ويقبح على الآمر والمأمور التعدي عنه، ومع ذلك يحصل الظن أو خصوص الاطمئنان من القياس، ولا يجوز الشارع العمل به؟ فإن المنع عن العمل بما يقتضيه العقل من الظن، أو خصوص الاطمئنان لو فرض ممكنا، جرى في غير القياس، فلا يكون العقل مستقلا، إذ لعله نهى عن أمارة مثل ما نهى عن القياس [بل وأزيد] (2) واختفى علينا، ولا دافع لهذا الاحتمال إلا قبح ذلك على الشارع، إذ احتمال صدور ممكن بالذات عن الحكيم لا يرتفع إلا بقبحه، وهذا من أفراد ما اشتهر من أن الدليل العقلي لا يقبل التخصيص). انتهى موضع الحاجة من كلامه، زيد في علو مقامه.
وأنت خبير بأنه لا وقع لهذا الاشكال، بعد وضوح كون حكم العقل بذلك معلقا على عدم نصب الشارع طريقا واصلا، وعدم حكمه به فيما كان هناك منصوب ولو كان أصلا، بداهة أن من مقدمات حكمه عدم وجود علم ولا علمي، فلا موضوع لحكمه مع أحدهما، والنهي عن ظن حاصل من سبب ليس إلا كنصب شئ، بل هو يستلزمه فيما كان في مورده أصل شرعي، فلا يكون نهيه عنه رفعا لحكمه عن موضوعه، بل به يرتفع موضوعه، وليس حال النهي عن سبب مفيد للظن إلا كالامر بما لا يفيده، وكما لا حكومة معه للعقل لا حكومة له معه، وكما لا يصح بلحاظ حكمه الاشكال فيه، لا يصح الاشكال فيه بلحاظه.