الحقيقة، كما لا يخفى، وأما ما أفيد (1) من أن الاستعمال فيهما ثابت، فلو لم يكن موضوعا للقدر المشترك بينهما لزم الاشتراك أو المجاز، فهو غير مفيد، لما مرت الإشارة إليه في الجهة الأولى، وفي تعارض الأحوال (2)، فراجع.
والاستدلال بأن فعل المندوب طاعة، وكل طاعة فهو فعل المأمور به، فيه ما لا يخفى من منع الكبرى، لو أريد من المأمور به معناه الحقيقي، وإلا لا يفيد المدعى.
الجهة الرابعة: الظاهر أن الطلب الذي يكون هو معنى الامر، ليس هو الطلب الحقيقي الذي يكون طلبا بالحمل الشائع الصناعي، بل الطلب الانشائي الذي لا يكون بهذا الحمل طلبا مطلقا، بل طلبا إنشائيا، سواء أنشئ بصيغة إفعل، أو بمادة الطلب، أو بمادة الامر، أو بغيرها، ولو أبيت إلا عن كونه موضوعا للطلب فلا أقل من كونه منصرفا إلى الانشائي منه عند إطلاقه كما هو الحال في لفظ الطلب أيضا، وذلك لكثرة الاستعمال في الطلب الانشائي، كما أن الامر في لفظ الإرادة على عكس لفظ الطلب، والمنصرف عنها عند إطلاقها هو الإرادة الحقيقية (3) واختلافهما في ذلك ألجأ بعض أصحابنا إلى الميل إلى ما ذهب إليه الأشاعرة، من المغايرة بين الطلب والإرادة، خلافا لقاطبة أهل الحق والمعتزلة، من اتحادهما، فلا بأس بصرف عنان الكلام إلى بيان ما هو الحق في المقام، وإن حققناه في بعض فوائدنا إلا أن الحوالة لما تكن عن المحذور خالية، والإعادة بلا فائدة ولا إفادة، كان المناسب هو التعرض ها هنا أيضا.
فاعلم، أن الحق كما عليه أهله - وفاقا للمعتزلة وخلافا للأشاعرة - هو اتحاد الطلب والإرادة، بمعنى أن لفظيهما موضوعان بإزاء مفهوم واحد وما بإزاء