فصل في الاستصحاب: وفي حجيته إثباتا ونفيا أقوال للأصحاب.
ولا يخفى أن عباراتهم في تعريفه وإن كانت شتى، إلا أنه تشير إلى مفهوم واحد ومعنى فارد، وهو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه:
إما من جهة بناء العقلاء على ذلك في أحكامهم العرفية مطلقا، أو في الجملة تعبدا، أو للظن به الناشئ عن ملاحظة ثبوته سابقا.
وإما من جهة دلالة النص أو دعوى الاجماع عليه كذلك، حسبما تأتي الإشارة إلى ذلك مفصلا.
ولا يخفى أن هذا المعنى هو القابل لان يقع فيه النزاع والخلاف في نفيه وإثباته مطلقا أو في الجملة، وفي وجه ثبوته، على أقوال.
ضرورة أنه لو كان الاستصحاب هو نفس بناء العقلاء على البقاء أو الظن به الناشئ مع العلم بثبوته، لما تقابل فيه الأقوال، ولما كان النفي والاثبات واردين على مورد واحد بل موردين، وتعريفه بما ينطبق على بعضها، وإن كان ربما يوهم أن لا يكون هو الحكم بالبقاء بل ذاك الوجه، إلا أنه حيث لم يكن بحد ولا برسم بل من قبيل شرح الاسم، كما هو الحال في التعريفات غالبا، لم يكن له دلالة على أنه نفس