وأما الاخبار: فبما (1) دل على وجوب التوقف عند الشبهة، معللا في بعضها بأن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في المهلكة، من الاخبار الكثيرة الدالة عليه مطابقة أو التزاما، وبما (2) دل على وجوب الاحتياط من الأخبار الواردة بألسنة مختلفة.
والجواب: إنه لا مهلكة في الشبهة البدوية، مع دلالة النقل على [الإباحة] (3) وحكم العقل بالبراءة كما عرفت.
وما دل على وجوب الاحتياط لو سلم، وإن كان واردا على حكم العقل، فإنه كفى بيانا على العقوبة على مخالفة التكليف المجهول.
ولا يصغى إلى ما قيل (4): من أن إيجاب الاحتياط إن كان مقدمة للتحرز عن عقاب الواقع المجهول فهو قبيح، وإن كان نفسيا فالعقاب على مخالفته لا على مخالفة الواقع، وذلك لما عرفت من أن إيجابه يكون طريقيا، وهو عقلا مما يصح أن يحتج به على المؤاخذة في مخالفة الشبهة، كما هو الحال في أوامر الطرق والامارات والأصول العملية.
إلا أنها تعارض بما هو أخص وأظهر، ضرورة أن ما دل على حلية المشتبه أخص، بل هو في الدلالة على الحلية نص، وما دل على الاحتياط غايته أنه ظاهر في وجوب الاحتياط، مع أن هناك قرائن دالة على أنه للارشاد، فيختلف إيجابا واستحبابا حسب اختلاف ما يرشد إليه.