بعض العدلية المكتفين بكون المصلحة في نفس الامر دون المأمور به.
وأخرى بأن حصول المصلحة واللطف في العبادات لا يكاد يكون إلا بإتيانها على وجه الامتثال، وحينئذ كان لاحتمال اعتبار معرفة أجزائها تفصيلا - ليؤتى بها مع قصد الوجه - مجال، ومعه لا يكاد يقطع بحصول اللطف والمصلحة الداعية إلى الامر، فلم يبق إلا التخلص عن تبعة مخالفته بإتيان ما علم تعلقه به، فإنه واجب عقلا وإن لم يكن في المأمور به مصلحة ولطف رأسا، لتنجزه بالعلم به إجمالا.
وأما الزائد عليه لو كان فلا تبعة على مخالفته من جهته، فإن العقوبة عليه بلا بيان.
وذلك ضرورة أن حكم العقل بالبراءة - على مذهب الأشعري - لا يجدي من ذهب إلى ما عليه المشهور من العدلية، بل من ذهب إلى ما عليه غير المشهور، لاحتمال أن يكون الداعي إلى الامر ومصلحته - على هذا المذهب أيضا - هو ما في الواجبات من المصلحة وكونها ألطافا، فافهم.
وحصول اللطف والمصلحة في العبادة، وإن كان يتوقف على الاتيان بها على وجه الامتثال، إلا أنه لا مجال لاحتمال اعتبار معرفة الاجزاء وإتيانها على وجهها، كيف؟ ولا إشكال في إمكان الاحتياط هاهنا كما في المتباينين، ولا يكاد يمكن مع اعتباره. هذا مع وضوح بطلان احتمال اعتبار قصد الوجه كذلك، والمراد بالوجه في كلام من صرح بوجوب إيقاع الواجب على وجهه ووجوب اقترانه به، هو وجه نفسه من وجوبه النفسي، لا وجه أجزائه من وجوبها الغيري أو وجوبها العرضي، وإتيان الواجب مقترنا بوجهه غاية ووصفا بإتيان الأكثر بمكان من الامكان، لانطباق الواجب عليه ولو كان هو الأقل، فيتأتى من المكلف معه قصد الوجه، واحتمال اشتماله على ما ليس من أجزائه ليس بضائر، إذا قصد وجوب المأتي على إجماله، بلا تمييز ماله دخل في الواجب من أجزائه، لا سيما إذا دار الزائد بين كونه جزءا لماهيته وجزءا لفرده، حيث ينطبق الواجب على المأتي حينئذ بتمامه وكماله، لان الطبيعي