بعض الضمائر، وبعضها ليخاطب به (1) المعنى، والإشارة والتخاطب يستدعيان التشخص كما لا يخفى، فدعوى أن المستعمل فيه في مثل (هذا) أو (هو) أو (إياك) إنما هو المفرد المذكر، وتشخصه إنما جاء من قبل الإشارة، أو التخاطب بهذه الألفاظ إليه، فإن الإشارة أو التخاطب لا يكاد يكون إلا إلى الشخص أو معه، غير مجازفة.
فتلخص مما حققناه: ان التشخص الناشئ من قبل الاستعمالات، لا يوجب تشخص المستعمل فيه، سواء كان تشخصا خارجيا - كما في مثل أسماء الإشارة - أو ذهنيا - كما في أسماء الأجناس والحروف ونحوهما - من غير فرق في ذلك أصلا بين الحروف وأسماء الأجناس، ولعمري هذا واضح. ولذا ليس في كلام القدماء من كون الموضوع له أو المستعمل فيه خاصا في الحرف عين ولا أثر، وإنما ذهب إليه بعض من تأخر، (2) ولعله لتوهم كون قصده بما هو في غيره، من خصوصيات الموضوع له، أو المستعمل فيه، والغفلة من أن قصد المعنى من لفظه على أنحائه، لا يكاد يكون من شؤونه وأطواره، وإلا فليكن قصده بما هو هو وفي نفسه كذلك، فتأمل في المقام فإنه دقيق، وقد زل فيه أقدام غير واحد من أهل التحقيق والتدقيق.
الثالث صحة استعمال اللفظ فيما يناسب ما وضع له، هل هو بالوضع، أو بالطبع؟ وجهان، بل قولان، أظهرهما أنه بالطبع بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه ولو مع منع الواضع عنه، وباستهجان الاستعمال فيما لا يناسبه و لو مع ترخيصه، ولا معنى لصحته إلا حسنه، والظاهر أن صحة الاستعمال