بالاختيار، وإلا لتسلسل، كما هو واضح لمن تأمل، ولأنه لو كان معتبرا فيه الترتب، لما كان الطلب يسقط بمجرد الاتيان بها، من دون انتظار لترتب الواجب عليها، بحيث لا يبقى في البين إلا طلبه وإيجابه، كما إذا لم تكن هذه بمقدمته (1)، أو كانت حاصلة من الأول قبل إيجابه، مع أن الطلب لا يكاد يسقط إلا بالموافقة، أو بالعصيان والمخالفة، أو بارتفاع موضوع التكليف، كما في سقوط الامر بالكفن أو الدفن، بسبب غرق الميت أحيانا أو حرقه، ولا يكون الاتيان بها بالضرورة من هذه الأمور غير الموافقة.
إن قلت: كما يسقط الامر في تلك الأمور، كذلك يسقط بما ليس بالمأمور به فيما يحصل به الغرض منه، كسقوطه في التوصليات بفعل الغير، أو المحرمات.
قلت: نعم، ولكن لا محيص عن أن يكون ما يحصل به الغرض، من الفعل الاختياري للمكلف متعلقا للطلب فيما لم يكن فيه مانع، وهو كونه بالفعل محرما، ضرورة أنه لا يكون بينهما تفاوت أصلا، فيكف يكون أحدهما متعلقا له فعلا دون الآخر؟
وقد استدل صاحب الفصول (2) على ما ذهب إليه بوجوه، حيث قال بعد بيان أن التوصل بها إلى الواجب، من قبيل شرط الوجود لها لا من قبيل شرط الوجوب، ما هذا لفظه:
(والذي يدلك على هذا - يعني الاشتراط بالتوصل - أن وجوب المقدمة لما كان من باب الملازمة العقلية، فالعقل لا يدل عليه زائدا على القدر المذكور، وأيضا لا يأبى العقل أن يقول الآمر الحكيم: أريد الحج، وأريد المسير الذي