العقلاء وسيرة العلماء، من التوفيق وحمل الظاهر على الأظهر، والتصرف فيما يكون صدورهما قرينة عليه، فتأمل.
فصل قد عرفت حكم تعارض الظاهر والأظهر وحمل الأول على الآخر، فلا إشكال فيما إذا ظهر أن أيهما ظاهر وأيهما أظهر، وقد ذكر فيما أشتبه الحال لتمييز ذلك ما لا عبرة به أصلا، فلا بأس بالإشارة إلى جملة منها وبيان ضعفها:
منها: ما قيل (1) في ترجيح ظهور العموم على الاطلاق، وتقديم التقييد على التخصيص فيما دار الامر بينهما، من كون ظهور العام في العموم تنجيزيا، بخلاف ظهور المطلق في الاطلاق، فإنه معلق على عدم البيان، والعام يصلح بيانا، فتقديم العام حينئذ لعدم تمامية مقتضى الاطلاق معه، بخلاف العكس، فإنه موجب لتخصيصه بلا وجه إلا على نحو دائر. ومن أن التقييد أغلب من التخصيص.
وفيه: إن عدم البيان الذي هو جزء المقتضي في مقدمات الحكمة، إنما هو عدم البيان في مقام التخاطب لا إلى الأبد، وأغلبية التقييد مع كثرة التخصيص بمثابة قد قيل: مامن عام إلا وقد خص، غير مفيد، فلا بد (2) في كل قضية من ملاحظة خصوصياتها الموجبة لأظهرية أحدهما من الآخر، فتدبر.
ومنها: ما قيل فيما إذا دار بين التخصيص والنسخ - كما إذا ورد عام بعد حضور وقت العمل بالخاص، حيث يدور بين أن يكون الخاص مخصصا أو يكون العام ناسخا، أو ورد الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام، حيث يدور بين أن يكون الخاص مخصصا للعام، أو ناسخا له ورافعا لاستمراره ودوامه - في وجه تقديم التخصيص على النسخ، من غلبة التخصيص وندرة النسخ.