اجتماع سائر الشرائط، صار (1) حجة في هذه الصورة بأدلة الترجيح تعيينا، أو التخيير تخييرا، وأين ذلك مما إذا لم يكن المطلوب إلا الاخذ بخصوص ما صدر واقعا؟ وهو حاصل، والاخذ بخصوص أحدهما ربما لا يكون إليه بموصل.
نعم، لو كان التخيير بين الخبرين لاجل إبدائهما احتمال الوجوب والحرمة، وإحداثهما الترديد بينهما، لكان القياس في محله، لدلالة الدليل على التخيير بينهما على التخيير ها هنا، فتأمل جيدا.
ولا مجال - ها هنا - لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، فإنه لا قصور فيه - ها هنا - وإنما يكون عدم تنجز التكليف لعدم التمكن من الموافقة القطعية كمخالفتها، والموافقة الاحتمالية حاصلة لا محالة، كما لا يخفى.
ثم إن مورد هذه الوجوه، وإن كان ما [إذا] (2) لم يكن واحدا من الوجوب والحرمة على التعيين تعبديا، إذ لو كانا تعبديين أو كان أحدهما المعين كذلك، لم يكن إشكال في عدم جواز طرحهما والرجوع إلى الإباحة، لأنها مخالفة عملية قطعية على ما أفاد شيخنا الأستاذ (3) (قدس سره)، إلا أن الحكم أيضا فيهما إذا كانا كذلك هو التخيير عقلا بين إتيانه على وجه قربي، بأن يؤتى به بداعي احتمال طلبه، وتركه كذلك، لعدم الترجيح وقبحه بلا مرجح.
فانقدح أنه لا وجه لتخصيص المورد بالتوصليين بالنسبة إلى ما هو المهم في المقام، وإن اختص بعض الوجوه بهما، كما لا يخفى.
ولا يذهب عليك أن استقلال العقل بالتخيير إنما هو فيما لا يحتمل الترجيح في أحدهما على التعيين، ومع احتماله لا يبعد دعوى استقلاله بتعيينه (4) كما هو الحال