كونه فعلا عبادة، مثلا إذا نهي الجنب والحائض عن السجود له تبارك وتعالى، كان عبادة محرمة ذاتا حينئذ، لما فيه من المفسدة والمبغوضية في هذا الحال، مع أنه لا ضير في اتصافه بهذه الحرمة مع الحرمة التشريعية، بناء على أن الفعل فيها لا يكون في الحقيقة متصفا بالحرمة، بل إنما يكون المتصف بها ما هو من أفعال القلب، كما هو الحال في التجري والانقياد، فافهم.
هذا مع أنه لو لم يكن النهي فيها دالا على الحرمة، لكان دالا على الفساد، لدلالته على الحرمة التشريعية، فإنه لا أقل من دلالته على أنها ليست بمأمور بها، وإن عمها إطلاق دليل الامر بها أو عمومه، نعم لو لم يكن النهي عنها إلا عرضا، كما إذا نهى عنها فيما كانت ضد الواجب مثلا، لا يكون مقتضيا للفساد، بناء على عدم اقتضاء الامر (1) بالشئ للنهي عن الضد الا كذلك أي عرضا، فيخصص به أو يقيد.
المقام الثاني في المعاملات: ونخبة القول، أن النهي الدال على حرمتها لا يقتضي الفساد، لعدم الملازمة فيها - لغة ولا عرفا - بين حرمتها وفسادها أصلا، كانت الحرمة متعلقة بنفس المعاملة بما هو فعل بالمباشرة، أو بمضمونها بما هو فعل بالتسبب بها إليه، وإن لم يكن السبب ولا المسبب بما هو فعل من الأفعال بحرام، وإنما يقتضي الفساد فيما إذا كان دالا على حرمة ما لا يكاد يحرم مع صحتها، مثل النهي عن أكل الثمن أو المثمن في بيع أو بيع شئ.
نعم لا يبعد دعوى ظهور النهي عن المعاملة في الارشاد إلى فسادها، كما أن الامر بها يكون ظاهرا في الارشاد إلى صحتها من دون دلالته على إيجابها أو استحبابها، كما لا يخفى، لكنه في المعاملات بمعنى العقود والايقاعات، لا المعاملات بالمعنى الأعم المقابل للعبادات، فالمعول هو ملاحظة القرائن في .