التحقيق في دفعه، في التوفيق بين الحكم الواقعي والظاهري، فانتظر.
الامر الثاني: قد عرفت أنه لا شبهة في أن القطع يوجب استحقاق العقوبة على المخالفة، والمثوبة على الموافقة في صورة الإصابة، فهل يوجب استحقاقها في صورة عدم الإصابة على التجري بمخالفته، واستحقاق المثوبة على الانقياد بموافقته، أو لا يوجب شيئا؟
الحق أنه يوجبه، لشهادة الوجدان بصحة مؤاخذته، وذمه على تجريه، وهتكه لحرمة مولاه (1) وخروجه عن رسوم عبوديته، وكونه بصدد الطغيان، وعزمه على العصيان، وصحة مثوبته، ومدحه على قيامه (2) بما هو قضية عبوديته، من العزم على موافقته والبناء على إطاعته، وإن قلنا بأنه لا يستحق مؤاخذة أو مثوبة، ما لم يعزم على المخالفة أو الموافقة، بمجرد سوء سريرته أو حسنها، وإن كان مستحقا للوم (3) أو المدح بما يستتبعانه، كسائر الصفات والاخلاق الذميمة أو الحسنة.
وبالجملة: ما دامت فيه صفة كامنة لا يستحق بها إلا مدحا أو لوما، وإنما يستحق الجزاء بالمثوبة أو العقوبة مضافا إلى أحدهما، إذا صار بصدد الجري على طبقها والعمل على وفقها وجزم وعزم، وذلك لعدم صحة مؤاخذته بمجرد سوء سريرته من دون ذلك، وحسنها معه، كما يشهد به مراجعة الوجدان الحاكم بالاستقلال في مثل باب الإطاعة والعصيان، وما يستتبعان من استحقاق النيران أو الجنان.
ولكن ذلك مع بقاء الفعل المتجري [به] أو المنقاد به على ما هو عليه من الحسن