ومنه ظهر المنع عن كون جميع انحاء التصرف في أرض الغير مثلا حراما قبل الدخول، وأنه يتمكن من ترك الجميع حتى الخروج، وذلك لأنه لو لم يدخل لما كان متمكنا من الخروج وتركه، وترك الخروج بترك الدخول رأسا ليس في الحقيقة إلا ترك الدخول، فمن لم يشرب الخمر، لعدم وقوعه في المهلكة التي يعالجها به مثلا، لم يصدق عليه إلا أنه لم يقع في المهلكة، لا أنه ما شرب الخمر فيها، إلا على نحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع، كما لا يخفى.
وبالجملة لا يكون الخروج - بملاحظة كونه مصداقا للتخلص عن الحرام أو سببا له - إلا مطلوبا، ويستحيل أن يتصف بغير المحبوبية، ويحكم عليه بغير المطلوبية.
قلت: هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال على كون ما انحصر به التخلص مأمورا به، وهو موافق لما أفاده شيخنا العلامة أعلى الله مقامه، على ما في تقريرات بعض الاجلة (1)، لكنه لا يخفى أن ما به التخلص عن فعل الحرام أو ترك الواجب، إنما يكون حسنا عقلا ومطلوبا شرعا بالفعل، وإن كان قبيحا ذاتا إذا لم يتمكن المكلف من التخلص بدونه، ولم يقع بسوء اختياره، إما في الاقتحام في ترك الواجب أو فعل الحرام، وإما في الاقدام على ما هو قبيح وحرام، لولا [أن] (2) به التخلص بلا كلام كما هو المفروض في المقام، ضرورة تمكنه منه قبل اقتحامه فيه بسوء اختياره.
وبالجملة كان قبل ذلك متمكنا من التصرف خروجا، كما يتمكن منه دخولا، غاية الامر يتمكن منه بلا واسطة، ومنه بالواسطة، ومجرد عدم التمكن منه إلا بواسطة لا يخرجه عن كونه مقدورا، كما هو الحال في البقاء، فكما يكون تركه مطلوبا في جميع الأوقات، فكذلك الخروج، مع أنه مثله في