وفيه: إن مانعية القرينة اللازمة للمجاز معناها - على ما بيناه - استلزامها في موضع قيامها أو ما دامت قائمة تعذر الحقيقة لذاتها، سواء اخذت بوصف الوحدة على تقدير دخولها في الوضع أو معراة عن ذلك الوصف، فإن ذات الجارحة في نحو (يد الله) متعذرة، وهي في " أيادي فلان " لا تجامع القرينة الموجودة مع اليد، وذات المفترس لا تجامع قرينة " يرمي " في " أسد يرمي " وكذلك في سائر الأمثلة.
وبالجملة: قرينة المجاز معاندة لذات المعنى الحقيقي لا وصفه، إن قلنا بجزئيته كيف وهذا أيضا محل منع على ما حققناه في بحث المشترك، وقضية تعذر ذات الحقيقة امتناع إرادته منفردا ومجتمعا مع المعنى المجازي لا منفردا فقط، وامتناع إرادته بإرادة مستقلة منضمة إلى إرادة المعنى المجازي، لا بتلك الإرادة بدلا عن المعنى المجازي فقط، فبطل اعتراضان آخران:
أحدهما: ما أورده المدقق الشيرواني، وهو: أن قرينة المجاز إنما تمنع عن إرادته منفردا لا مجتمعا مع المعنى المجازي.
والآخر ما أورده المحقق السلطان من: أنها إنما تمنع لو أريد بتلك الإرادة بدلا عن المعنى المجازي لا بإرادة أخرى ممتازة عن إرادة المعنى المجازي فليتدبر.
[59] قوله: (فمنعه قوم وجوزه آخرون، ثم اختلف المجوزون فأكثرهم على أنه مجاز، وربما قيل بكونه حقيقة ومجازا بالاعتبارين... الخ) واعلم، أن المصنف وإن نسب القول بالمجازية إلى أكثر المجوزين. إلا أن الأجود على القول بالجواز هو القول الثاني، أخذا بظاهر العناوين القاضية ببقاء الوصف العنواني في المعنى الحقيقي على حاله، مضافا إلى ظهور آخر في كون الاعتماد في الاستعمال فيهما على الوضع والعلاقة معا بالاعتبارين، لا على العلاقة فقط بالنسبة إليهما.
كيف وهي بالنسبة إلى المعنى الحقيقي منتفية جزما.