أو غير معناها وحده، أو معناها وغير معناها، والأول الحقيقة، والثاني المجاز، والثالث الكناية، وإن كان ذلك ضعيفا مخالفا لرأي جمهورهم، لأن المعتبر في الكناية عندهم إمكان إرادة المعنى مع لازمه، سواء أريد فعلا أو لا، لا فعلية إرادته وتعينه.
ولذا أورد عليه في المطول: بأن الحق في الكناية أن المراد فيها إنما هو لازم المعنى وإرادة المعنى جائزة لا واجبة، لأنها كثيرا ما تخلو عن إرادة المعنى الحقيقي وإن كانت جائزة، للقطع بصحة قولنا: " فلان طويل النجاد " وإن لم يكن له نجاد قط، وقولنا: " جبان الكلب " و " مهزول الفصيل " وإن لم يكن له كلب ولا فصيل. انتهى (1).
وحيث إن المأخوذ فيها عندهم حيثية إمكان إرادة المعنى مع لازمه، فهو الباعث على أنهم اعتبروا فيها تجرد اللفظ عن قرينة عدم إرادة المعنى مطلقا.
وعلى هذا فالمجاز عندهم لفظ أريد به لازم معناه، أو غير ما وضع له من حيث إنه لا يجوز أن يراد معه المعنى، أو ما وضع له وهو الباعث على أخذ القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة في حده.
وأما الأصوليون فعموم اصطلاحهم فيه مبني على تعرية مفهومه عن هذه الحيثية، بأن يكون عبارة عن اللفظ المستعمل في غير ما وضع له مطلقا، أي سواء جاز إرادة ما وضع له معه أو لم يجز.
والظاهر إنه كذلك لشواهد كثيرة يقف عليها المتتبع في كلامهم:
منها: حصرهم الاستعمال الصحيح في الحقيقة والمجاز، وإنه لا واسطة بينهما إلا الغلط، والكناية ليست مندرجة في الحقيقة بالضرورة، فتكون مندرجة في المجاز، وإلا بطل الحصر المذكور.
ومنها: ما تكرر في كلامهم من أن المصحح للاستعمال في الألفاظ، إما الوضع