فيكون من نقل الكلي إلى الفرد، أو أنه من باب النقل من المعنى اللغوي الوصفي إلى المعنى الاسمي، وهو الذات المعراة عن وصف المعنى اللغوي، فيكون علما له تعالى بالغلبة كل محتمل.
وإن أمكن ترجيح الثاني، بدعوى: عدم انفهامه تعالى في الإطلاقات المذكورة ونظائرها بوصف المعنى اللغوي، ولا يبعد الالتزام بتعدد النقل فغلب عند أوائل الفقهاء والأصوليين إليه تعالى من حيث إنه ذات متصفة بالوصف، وأخرى عند أواخرهم إلى الذات المعراة.
وبالجملة: فهو المراد في المسألة من " الشارع " المنسوب إليه وضع الألفاظ الشرعية المتنازع فيه، كما يعلم ذلك من ملاحظة مطاوي كلماتهم وتضاعيف عباراتهم واستدلالاتهم الواردة على الإثبات والنفي، فالوضع المتنازع فيه هو وضع الشارع بهذا المعنى، خلافا لجماعة من الأواخر، فتخيلوا أن المراد به النبي (صلى الله عليه وآله)، حتى أن السيد بحر العلوم نسبه إلى ظاهر كلام القوم وغيرهم.
ونقل عن بعض المتأخرين من أهل اللغة التصريح بذلك، والظاهر إنه يعني به صاحب المجمع إلا أنهم اختلفوا في وجه هذا الإطلاق.
فعن بعضهم دعوى كونه حقيقة عرفية فيه (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي كلام غير واحد مجيئه لغة بمعنى المبين للشريعة، والآتي بها مستشهدين لذلك بنص بعض أهل اللغة، المراد به ما في القاموس من تفسيره سن الأمر، المتقدم عن الجوهري في تفسير شرع ببينه، فإطلاق الشارع عليه (صلى الله عليه وآله) إنما هو باعتبار هذا المعنى.
واعترض عليه تارة: بأنه لو صح ذلك لصح إطلاق الشارع على الأئمة (عليهم السلام) بل على علماء الشيعة أيضا، لكونهم مبينين للشرع دالين عليه، والتالي باطل بالضرورة.
وأخرى: بأن قضية ذلك كون وضع الألفاظ المتنازع فيها وضع النبي (صلى الله عليه وآله) ويشكل: بأنه يقضي بوجوب حمل الخطابات النبوية على المعاني الحادثة بناء على القول بالثبوت، وأما الألفاظ الواردة في الكتاب العزيز فيشكل القول بتعين