حقيقة زمان الشارع هل هو المعنى اللغوي ليحمل عليه اللفظ المذكور بمقتضى أصالة الحقيقة، أو هو المعنى العرفي ليحمل عليه بمقتضى أصالة الحقيقة أيضا، فالمقصود من الترجيح من جهة أصل أو قاعدة تشخيص حقيقة زمان الشارع، ليعمل فيه بأصالة الحقيقة.
ثم إن اللغة في كلام الأصوليين قد تطلق على المعاني المثبتة من الواضع مهجورة كانت أو باقية، وقد تطلق على المعاني المودعة في كتب اللغة أصلية كانت أو متجددة، وبذلك يعلم أن النسبة بينهما عموم من وجه يجتمعان في الأصلية المودعة في كتب اللغة، وفي كون المراد باللغة المقابلة للعرف في محل البحث هو المعنى الأول أو المعنى الثاني أو ما يعمهما وجوه، لم نقف في كلماتهم على ما يرشد إلى أحدها على التعيين، وإن كان التمسك لتقديم اللغة بأصالة عدم النقل ربما يومئ بظاهره إلى إرادة الأول، فاللازم حينئذ في مقام الترجيح فرض التعارض تارة بين العرف واللغة بالمعنى الأول، وأخرى بينه وبين اللغة بالمعنى الثاني.
لكن على الأول ينبغي القطع بخروج المهجورة من اللغة قبل الشرع أو قبل صدور الخطاب، والباقية منها إلى ما بعد زمان الشرع أو ما بعد صدور الخطاب عن موضوع المسألة، لأنه يتبين بحكم الفرض عدم كونه في الصورتين الأوليين حقيقة زمان الشارع، كتبين كونه في الصورتين الأخريين حقيقة زمان الشارع، فلا اشتباه في الفرضين معا.
كما أنه على الثاني ينبغي القطع بخروج الثابتة من اللغة قبل زمان الشارع أو قبل صدور الخطاب، والمتجددة منها بعد زمان الشارع أو بعد صدور الخطاب عن المتنازع فيه، لتبين كون الأولين من حقيقة زمان الشارع، وعدم كون الأخيرين منها، فموضوع المسألة من كل من المعنيين ما شك في وجوده في زمان الشارع، على معنى الشك في كون حقيقة زمان الشارع هو هذا أو غيره من المعنى العرفي.
وأما العرف، فالمراد به هاهنا المعاني الموجودة في العرف العام المتداولة