الظن في اللغات في شيء، وإن كان في الصغرى فالحق فيه ما عليه الجمهور من عدم دلالة الاستعمال على الحقيقة، بمعنى عدم ظهوره فيها لا نوعا ولا شخصا مطلقا، لعين ما ذكروه من أنه أعم ولا يعقل من الأعم دلالة على الأخص بالتقريب المتقدم.
فإنه على ما بيناه بالنسبة إلى الأخص لا يوجب إلا ترددا أو تأكدا في التردد، مضافا إلى أن الشئ لا ينهض دليلا إلا إذا كان ملزوما، وهو يقضي بكونه مساويا ففرض دلالته المبني على أحد الوجهين يستلزم مساواة الأخص أو كونه أعم وهو مما يبطله دليل الخلف.
وبالجملة: الاستعمال بمنزلة اللازم الأعم الغير الصالح لكشفه عن ملزوم أخص، كيف وكشفه هنا عن الوضع ليس بأولى من أن يكشف عن وجود العلاقة، وهل العلم بمجرد الاستعمال إلا نظير العلم بوجود ماش في الدار من دون علمه بموصوفه وما هو ملزوم له، فهل يقدر بمجرده على الحكم بأن الموجود فيها إنسان أو حمار، ما لم يضم إليه ما يعين أحدهما من غلبة وجود أو قرينة مقام أو غيرهما، ولو فرض مع الاستعمال غلبة وجوده في جانب الحقيقة، فرجع البحث فيه إلى أن غلبة الاستعمال هل يصلح دليلا على الحقيقة أو لا، وهذا بحث عن عنوان المقام الثالث فلا تعلق له بالمقام.
احتج أهل القول بالدلالة مطلقا أو في الجملة، بوجوه:
منها: ما قرره السيد في الذريعة (1) في جملة كلام طويل له في بحث ما ادعى كونه للعموم من الصيغ والألفاظ، فإنه بعد ما بنى فيه على اشتراكه لغة بين العموم والخصوص تمسكا بالاستعمال، قال: والظاهر من استعمال اللفظة في شيئين إنها مشتركة بينهما وموضوعة لهما، إلا أن يوقفونا أو يدلونا بدليل قاطع على أنهم باستعمالها في أحدهما متجوزون، إلى أن قال: