خلافا للسيد لبنائه في الثالثة على ترجيح الاشتراك المعنوي وفي الرابعة والسادسة على ترجيح الاشتراك اللفظي.
وعن المصنف والعميدي والأسوي التوقف في هذه الثلاث، ومرجع الكلام في الجميع إلى ترجيح أحد وجهي المسألة أو أحد وجوهها بأصل يعول عليه عرفا لذاته، أو وصفه إن كان الأخذ به في نظر العرف منوطا بالظن الحاصل، فخرج به ما ينهض فيه على الترجيح بعض الأمارات المعتبرة المميزة فيما بين الحقائق والمجازات المثبتة تارة للاشتراك المعنوي وأخرى للاشتراك اللفظي وثالثة للحقيقة ورابعة للمجاز من التبادر وعدمه وغيرهما، فإن الأخذ بموجب الأمارة المعتبرة حيثما وجدت مما لا يقبل النزاع، فمحل البحث ما لا يمكن فيه تحصيل شيء من الأمارات المذكورة.
وقضية ذلك كون الأصل الذي يطلب في المقام لينظر في موجبه من الترجيح على تقدير وجوده بحيث أخذ فيه نحو من التعليق، على معنى كونه في اقتضاء الترجيح معلقا على فقد الأمارة لوجوب البناء على ذي الأمارة من دون التفات إلى الأصل، لا لأنه يجري ولا التفات إليه بل لعدم جريانه بارتفاع موضوعه، نظير الأصول العملية المعمول بها في الشرعيات المعلقة على فقد الأدلة الاجتهادية، فيرجع مفاد نحو هذا الأصل على فرض وجوده والاعتداد به إلى لزوم ترتيب أحكام الحقيقة أو المجاز أو الاشتراك لفظا أو معنى - حيثما ساعد على شيء منها - إلى أن يقوم أمارة معتبرة بخلافه.
وبذلك يندفع ما عساه يسبق إلى بعض الأوهام، من أنه لو كان هناك أصول معتبرة يعول عليها في الترجيح في نحو المسائل المفروضة لأغنت عن سائر الأمارات، فلا حاجة لأرباب الفن إلى تكلف وضعها والتكلم فيها نقضا وإبراما، وحيث إنهم أطبقوا على وضع أمارات كان ذلك كاشفا عن فقد نحو الأصول المفروضة، فإن هذه الأصول إذا أخذت معلقة فلا ينافي تأسيسها لوضع الأمارات، لأن كلا يقصد في مورده ومجراه.