ففي كل مورد تحقق فيه انجبارها بما يمكن الاكتفاء به في العمل بمضمونها يصح التمسك بها في ذلك المقام ويلزم الاقتصار عليه.
على أنه يمكن المناقشة في دلالة الأول بظهوره في الميسور الثابت بنفسه ولو في ضمن غيره، إذ السقوط فرع الثبوت. فمفاده عدم سقوط الحكم السابق فيه وبقاؤه على الوجه الذي ثبت عليه، فيكون الميسور هو الواجب الميسور أو الفرد الميسور من أفراد الواجب، فلا يعم الجزء المفروض، لعدم ثبوته على الاستقلال حتى يمكن إبقاؤه كذلك، ولا التكليف المتعلق بالهيئة التركيبية من حيث هي، للقطع بسقوطه، فكيف يعقل بقاء التكليف بمقدماتها. فالثابت في السابق قد تحقق سقوطه والمقصود بإثباته لم يثبت في السابق حتى يقال بعدم سقوطه.
فمحصله: أنه لو ثبت حكم لمعسور وميسور فسقوط المعسور لا يضر بحكم الميسور، فلا ربط له بما نحن فيه.
وفي الثاني: بشموله لما لا يدرك كله باختيار المكلف فيختص بما لا يرتبط بعض أجزائه بالبعض في المطلوبية وللعبادات المندوبة، فيحمل على مطلق الطلب الذي هو القدر المشترك بين الحكمين، فلا يدل على خصوص الوجوب، على أنه إخبار بما جرت العادة عليه، غايته التقرير عليه فيدل على جوازه. ولو حمل على الانشاء لدل على مطلق الطلب أيضا فلا يدل على الوجوب.
وفي الثالث: باحتمال أن يكون " من " فيه للتبيين أو بمعنى الباء كما ذكر الوجهان في قوله تعالى: * (من أساور) * (1) وأن يكون للتبعيض بحسب أجزاء المأمور به أو أفراده واحتمال أن يكون " ما " فيه زمانية كما في قوله سبحانه * (فاتقوا الله ما استطعتم) * (2) وموصوفة أي شيئا استطعتم، وموصولة أي الذي استطعتم على أن يكون مفعولا أو بدلا عن الشئ، فهذه وجوه عديدة.
والاستدلال به موقوف على أن يكون " من " بمعنى التبعيض بحسب الأجزاء، وهو