جزء منها على حسبه ولو مع تعمد الإخلال بالباقي فيرجع إلى الثاني؟ كالأوامر المتعلقة بالأدعية المأثورة والأعداد المعينة من الأذكار والعبادات المخصوصة، فهل يحصل الامتثال على قدر ما يأتي به منها أو أنه لا امتثال إلا بأداء الكل؟
وهذه هي المسألة الثالثة ويتفرع عليها حكم التعذر على ما عرفت.
والوجه فيها هو الأول، إذ القدر المتيقن حينئذ إنما هو تعلق الطلب بالمجموع فيحصل الامتثال بالإتيان به خاصة، وأما البعض من ذلك فلم يقم هناك دليل على مطلوبيته بنفسه، وحينئذ فإن حصل العلم بسقوط التكليف به بقدره - كإطعام المسكين الواحد في الكفارة، وغسل بعض الأعضاء في الغسل الترتيبي - لزم الحكم بصحته، وغايته عدم لزوم إعادته في امتثال التكليف المتعلق بالمجموع، وإلا رجع الشك في ذلك إلى الشك في اشتراط صحة الجزء بضم سائر الأجزاء إليه وعدمه. وقد تقرر في مثله لزوم الاحتياط بتكرار الجزء المأتي به عند إرادة الإتيان بالمجموع تحصيلا للموالاة - مثلا - لاقتضاء الاشتغال المعلوم للبراءة اليقينية المتوقفة على إحراز الشرائط المشكوكة. وعلى الوجهين فالأصل عدم كون الجزء المفروض مطلوبا على الاستقلال، وإنما المتيقن من ذلك كونه مطلوبا لغيره، لتوقف الإتيان بالكل عليه، فلا يمكن الحكم بحصول الامتثال بقدره إلا على نحو الامتثال الحاصل بالإتيان بسائر الواجبات الغيرية، فلا يمكن التقرب به عند إرادة الاقتصار عليه، ولا يبقى الأمر به عند تعذر الإتيان بغيره. وحينئذ فيلحق مورد الشك بالقسم الأول سواء تعلق الأمر بالكل أولا قبل تعذر الجزء المفروض أو كان العذر حاصلا من أول الأمر.
فإن قلت: إن ما ذكر إنما يتم مع العلم بتعلق الطلب بالمجموع والشك في تعلقه بالأبعاض، أما دوران المطلوب بين الكل والبعض فلا يقين بالأول حتى يلزم الاقتصار عليه.
قلت: إن المجموع على التقديرين مطلوب للآمر قطعا، غاية الأمر أن الهيئة المجموعية على أحد التقديرين معتبرة في المطلوب دون الآخر، فالمتيقن من