ذلك عند الشك في زواله بانفصاله عن الجزء المأخوذ أو اتصاله بالجزء الوارد عليه، فليس الموضوع هناك المقدار المعين الموجود سابقا حتى يزول بزيادته ونقصه. كيف ولو كان الأمر فيه مبنيا على المسامحات العرفية لزم التفرقة في ذلك بين قلة الجزء المأخوذ أو الناقص وكثرته. ومن البين عدم الفرق في جريان الاستصحاب بينهما مع بقاء الشك فيهما. وعلى ما ذكر فينبغي التفصيل في محل المسألة أيضا بين قلة الجزء المتعذر وكثرته وليس كذلك، إذ لو تعذر أقل جزء يتصور مما فرض ارتباط العبادة به سابقا امتنع الرجوع إلى الاستصحاب فيه، كالصيام الذي ينتفي موضوعه بتعذر إكماله ولو بأقل جزء منه.
والحاصل: أنه بعد فرض إناطة المطلوبية بانضمام كل جزء من أجزاء الفعل بالباقي يمتنع بقاؤه بعد زوال شئ منها.
الثاني: استقراء الأحكام الثابتة في الشرع عند تعذر بعض أجزاء العبادات أو شرائطها، فإن الغالب عدم سقوط الباقي.
ألا ترى أن الصلاة لا يسقط على حال حتى ينتهي الأمر فيها إلى التسبيحة بدل الركعة.
نعم ربما تسقط في حق فاقد الطهورين لقيام الدليل عليه على خلاف الأصل، والحج لا يسقط بتعذر ما عدا الأركان منه وهكذا، بل وكذا الحال في الأسباب الشرعية كالتذكية وغيرها على بعض الوجوه والأحوال. والظن يلحق المشكوك فيه بالأعم الأغلب.
وفيه: بعد المنع من حجية الظن المذكور إمكان المنع من تحقق الاستقراء التام في المقام، فإن كثيرا من العبادات - كالطهارات الثلاث من غير الأقطع وصاحب الجبيرة ونحوهما والصوم وغيره - تسقط بتعذر أقل جزء منها، والصلاة لا تتبعض في ركعاتها، وكذا مطلق العبادة في أركانها، والأسباب الشرعية تسقط في الأغلب بتعذر جزئها أو شرطها. ولا نسلم أن السقوط في موارده مستند إلى الدليل المخصوص، فلعل الثبوت في موارده مستند إلى ذلك.