أمور متعددة في الخارج لم يسقط بعضها بتعذر بعض، سواء كان المطلوب مركبا منهما أو كان المتعذر عند إمكانه شرطا شرعيا للمأمور به، فكل ما كان من القيود من هذا القبيل أمكن إدراجه في تلك القاعدة على تقدير ثبوتها كما سيجئ.
وأما التركيب العقلي أو الاعتباري من الجنس والفصل وغيرهما فلا يجدي في ذلك شيئا، وإلا لزم عدم سقوط شئ من الواجبات عند تعذرها بجميع أجزائها وشرائطها مع التمكن من بعض الأفعال الاختيارية لاشتراكهما في جنس الفعل، وعدم سقوط التكليف المتعلق بشئ من الأجسام عند التمكن من بعضها نظرا إلى اشتراكها في الجنس البعيد أو القريب أو النوع أو الصنف. فيجب الأكل وغيره من الأفعال عند تعذر العبادات، ويجب على المكلف بإكرام العالم العادل - مثلا - إكرام الفاسق عند تعذره، وعلى المكلف بالإتيان بزيد عند تعذره أن يأتي ببكر أو بحيوان أو بجماد، لكونه القدر الميسور من الجنس أو النوع أو الصنف أو المطلق، بل الممكنات كلها مشتركة في جنسها، فيكون التمكن من شئ منها موجبا لاندراجه في القدر الميسور من كل فائت ومتعذر وإن كان بينهما بعد المشرقين، وكل ذلك خلاف الضرورة، إنما المدار على الصدق العرفي المتوقف على تعدد الفعل في الخارج - كالطهارة والصلاة - أو تركب متعلقه في الخارج - كالغسل بماء السدر والكافور والتكفين والتحنيط بالقدر الواجب - فإذا تعذر بعضه لم يسقط الباقي بناء على القاعدة المذكورة. وأما خصوصيات الأنواع والأصناف والأفراد المأمور بها فتعذرها قاض بتعذر الإتيان بالمطلوب من أصله، ومنها خصوصية الزمان والمكان، فإذا دار الأمر بين مراعاة بعض القيود التي يكون من القسم الأول والثاني تعين تقديم الثاني.
ومن هذا الباب ما يظهر من استقراء أحكام الشرع وتتبع النص والفتوى من تقديم مراعاة الأوقات ونحوها على مراعاة كثير من شرائط العبادات وأجزائها، ولذلك لا يضر نقصان الطهارة بجبيرة أو تقية أو غيرهما ونقص القيام والاستقرار والساتر والطهارة المائية وغيرها من الشرائط وما عدا الأركان من الأجزاء مع